٤. خبر الواحد

إنّ خبر الواحد ـ وهو ما لا يبلغ حدّ التواتر من الأخبار ـ قد يفيد علما وإن كان المخبر شخصا واحدا ؛ وذلك فيما إذا احتفّ خبره بقرائن توجب العلم بصدقه ، ولا شكّ في أنّ مثل هذا الخبر حجّة. وهذا لا بحث لنا فيه ؛ لأنّه مع حصول العلم تحصل الغاية القصوى ؛ إذ ليس وراء العلم غاية في الحجّيّة ، وإليه تنتهي حجّيّة كلّ حجّة ، كما تقدّم (١).

وأمّا : إذا لم يحتفّ بالقرائن الموجبة للعلم بصدقه ـ وإن احتفّ بالقرائن الموجبة للاطمئنان إليه دون مرتبة العلم ـ فقد وقع الخلاف العظيم في حجّيّته وشروط حجّيّته ، والخلاف في الحقيقة ـ عند الإماميّة بالخصوص ـ يرجع إلى الخلاف في قيام الدليل القطعيّ على حجّيّة خبر الواحد ، وعدم قيامه ، وإلاّ فمن المتّفق عليه عندهم أنّ خبر الواحد ـ بما هو خبر مفيد للظنّ الشخصيّ أو النوعيّ ـ لا عبرة به ؛ لأنّ الظنّ في نفسه ليس حجّة عندهم قطعا ، فالشأن كلّ الشأن عندهم في حصول هذا الدليل القطعيّ ، ومدى دلالته.

فمن ينكر حجّيّة خبر الواحد ، كالسيّد الشريف المرتضى ، ومن اتّبعه إنّما ينكر وجود هذا الدليل القطعيّ ؛ ومن يقول بحجّيّته ، كالشيخ الطوسيّ ، وباقي العلماء يرى وجود الدليل القاطع. ولأجل أن يتّضح ما نقول ننقل نصّ أقوال الطرفين في ذلك :

قال الشيخ الطوسيّ في «العدّة» : «من عمل بخبر الواحد فإنّما يعمل به إذا دلّ [دليل] على وجوب العمل به ، إمّا من الكتاب ، أو السنّة ، أو الإجماع ، فلا يكون قد عمل بغير علم» (٢).

وصرّح بذلك السيّد المرتضى في «الموصليّات» (٣) حسبما نقله عنه الشيخ ابن إدريس في مقدّمة كتابه «السرائر» (٤) فقال : «لا بدّ في الأحكام الشرعيّة من طريق يوصل إلى العلم» إلى أن قال : «ولذلك أبطلنا في الشريعة العمل بأخبار الآحاد ؛ لأنّها لا توجب علما ولا عملا ،

__________________

(١) تقدّم في الصفحات : ٣٧٦ ـ ٣٧٩.

(٢) العدّة ١ : ١٠٦.

(٣) رسائل الشريف المرتضى ١ : ٢٤ ـ ٢٥.

(٤) السرائر ١ : ٤٦ ـ ٤٧.

۶۸۸۱