وقيل بعدم تقديم أحدهما على الآخر ، فيبقى الكلام مجملا. (١)

وفصّل بعضهم تفصيلات كثيرة يطول الكلام عليها. (٢)

والسرّ في هذا الخلاف أنّه لمّا كان ظهور المفهوم المخالف ليس من القوّة بحيث يبلغ درجة ظهور المنطوق أو المفهوم الموافق وقع الكلام في أنّه أقوى من ظهور العامّ ، فيقدّم عليه ، أو أنّ العامّ أقوى ، فهو المقدّم ، أو أنّهما متساويان في درجة الظهور فلا يقدّم أحدهما على الآخر ، أو أنّ ذلك يختلف باختلاف المقامات.

والحقّ أنّ المفهوم لمّا كان أخصّ من العامّ حسب الفرض فهو قرينة عرفا على المراد من العامّ ، والقرينة تقدّم على ذي القرينة ، وتكون مفسّرة لما يراد من ذي القرينة ، ولا يعتبر أن يكون ظهورها أقوى من ظهور ذي القرينة ، نعم ، لو فرض أنّ العامّ كان نصّا في العموم فإنّه يكون هو قرينة على المراد من الجملة ذات المفهوم ، فلا يكون لها مفهوم حينئذ ، هذا أمر آخر.

١٠. تخصيص الكتاب العزيز بخبر الواحد (٣)

يبدو من الصعب على المبتدئ أن يؤمن لأوّل وهلة بجواز تخصيص العامّ الوارد في القرآن الكريم بخبر الواحد ؛ نظرا إلى أنّ الكتاب المقدّس إنّما هو وحي منزل من الله (تعالى) لا ريب فيه ، والخبر ظنّيّ يحتمل فيه الخطأ والكذب ، فكيف يقدّم على الكتاب؟! ولكنّ سيرة العلماء من القديم على العمل بخبر الواحد إذا كان مخصّصا للعامّ القرآنيّ ، بل لا تجد على الأغلب خبرا معمولا به من بين الأخبار التي بأيدينا في المجاميع إلاّ وهو مخالف لعامّ ، أو مطلق في القرآن ، ولو مثل عمومات الحلّ (٤) ونحوها (٥). بل على الظاهر أنّ

__________________

(١) لا مطلقا ، بل لو لم يكن في البين أظهر. ذهب إليه المحقّق الخراساني في الكفاية : ٢٨٣.

(٢) وإن شئت فراجع : فوائد الأصول ٢ : ٥٥٦ ـ ٥٦١ ؛ والمحاضرات ٥ : ٢٩٧ ـ ٣٠٣.

(٣) قوله : «بخبر الواحد» إشارة إلى أنّ البحث في المقام ليس في أصل جواز التصرّف في الكتاب وتخصيصه ؛ ضرورة أنّه يجوز تخصيص العامّ الكتابي بنفس المخصّص الكتابي ، كما لا ريب في جواز تخصيصه بالخبر القويّ المتواتر ، بل محلّ البحث في المقام هو أنّه هل لخبر الواحد قوّة يصير بها قابلا لكونه مخصّصا للعام الكتابي أم لا؟

(٤) كقوله (تعالى) : ﴿أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ. البقرة (٢) الآية : ٢٧٥.

(٥) كقوله (تعالى) : ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ. المائدة (٥) الآية : ١.

۶۸۸۱