١٢. الأصول اللفظيّة

تمهيد

اعلم أنّ الشكّ في اللفظ على نحوين :

١. الشكّ في وضعه لمعنى من المعاني.

٢. الشكّ في المراد منه بعد فرض العلم بالوضع ، كأن يشكّ في أنّ المتكلّم أراد بقوله : «رأيت أسدا» معناه الحقيقيّ أو معناه المجازيّ مع العلم بوضع لفظ الأسد للحيوان المفترس ، وبأنّه غير موضوع للرجل الشجاع؟

أمّا النحو الأوّل : فقد كان البحث السابق معقودا لأجله ، لغرض بيان العلامات المثبتة للحقيقة أو المجاز ـ أي المثبتة للوضع أو عدمه ـ. وهنا نقول : إنّ الرجوع إلى تلك العلامات وأشباهها كنصّ أهل اللغة أمر لا بدّ منه في إثبات أوضاع اللغة أيّة لغة كانت ، ولا يكفي في إثباتها أن نجد في كلام أهل تلك اللغة استعمال اللفظ في المعنى الذي شكّ في وضعه له ؛ لأنّ الاستعمال كما يصحّ في المعنى الحقيقيّ يصحّ في المعنى المجازيّ ، وما يدرينا لعلّ المستعمل اعتمد على قرينة حاليّة أو مقاليّة في تفهيم المعنى المقصود له ، فاستعمله فيه على سبيل المجاز. ولذا اشتهر في لسان المحقّقين ـ حتى جعلوه كقاعدة ـ قولهم : «إنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة والمجاز» (١).

ومن هنا نعلم بطلان طريقة العلماء السابقين لإثبات وضع اللفظ بمجرّد وجدان استعماله في لسان العرب ، كما وقع ذلك لعلم الهدى السيّد المرتضى قدس‌سره (٢) ، فإنّه كان يجري أصالة الحقيقة في الاستعمال ، بينما أنّ أصالة الحقيقة إنّما تجري عند الشكّ في المراد لا في الوضع ، كما سيأتي.

وأمّا النحو الثاني : فالمرجع فيه لإثبات مراد المتكلّم الأصول اللفظية ، وهذا البحث

__________________

(١) قوانين الأصول ١ : ٨١ ؛ الفصول الغرويّة : ٤١ ؛ وكفاية الأصول : ٤٧ ؛ مفاتيح الأصول : ٧٨ وغيرها من الكتب الأصوليّة.

(٢) الذريعة إلى أصول الشريعة ١ : ١٣.

۶۸۸۱