الثالث : مفهوم الغاية

إذا ورد التقييد بالغاية نحو ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ (١) ، ونحو : «كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف أنّه حرام بعينه» (٢) ، فقد وقع خلاف الاصوليّين فيه من جهتين :

الجهة الأولى : في دخول الغاية في المنطوق ـ أي في حكم المغيّى ـ. فقد اختلفوا في أنّ الغاية ـ وهي الواقعة بعد أداة الغاية نحو «إلى» و «حتّى» ـ هل هي داخلة في المغيّى حكما ، أو خارجة عنه وإنّما ينتهي إليها المغيّى موضوعا وحكما؟ على أقوال :

منها : التفصيل بين كونها من جنس المغيّى فتدخل فيه ، نحو : «صمت النهار إلى الليل» ، وبين كونها من غير جنسه فلا تدخل ، كمثال «كلّ شيء لك حلال ...» (٣).

ومنها : التفصيل بين كون الغاية واقعة بعد «إلى» فلا تدخل فيه ، وبين كونها واقعة بعد «حتّى» فتدخل ، نحو : «كل السمكة حتّى رأسها» (٤).

والظاهر أنّه لا ظهور لنفس التقييد بالغاية في دخولها في المغيّى ، ولا في عدمه ، بل يتّبع ذلك ، الموارد والقرائن الخاصّة الحافّة بالكلام.

نعم ، لا ينبغي الخلاف في عدم دخول الغاية فيما إذا كانت غاية للحكم ، كمثال «كلّ شيء لك حلال ...» ؛ فإنّه لا معنى لدخول معرفة الحرام في حكم الحلال (٥).

__________________

(١) البقرة (٢) الآية : ١٨٧.

(٢) الكافي ٥ : ٣١٣ ؛ وسائل الشيعة ١٢ : ٦٠ ، الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٤.

(٣) وهذا القول نسبه ابن الحاجب إلى الأندلسيّ. راجع شرح الكافية ٢ : ٣٢٦.

(٤) وهذا هو الظاهر من كلام ابن الحاجب في الكافية ، راجع شرح الكافية ٢ : ٣٢٦. ولا يبعد رجوع هذا التفصيل إلى التفصيل الأوّل ؛ لأنّ من قال بدخول الغاية في المغيّى إذا وقعت بعد «حتّى» قال بكون ما بعد «حتّى» جزءا ممّا قبلها ، بخلاف «إلى» ؛ فإنّها لا تستعمل إلاّ فيما إذا لم يكن ما بعدها جزءا ممّا قبلها ، فلا تدخل الغاية الواقعة بعدها في المغيّى. راجع شرح المفصّل ٧ : ١٦.

وذهب إلى هذا التفصيل أيضا المحقّق العراقيّ في مقالات الأصول ١ : ٤١٥.

(٥) وهذا هو القول بالتفصيل بين ما كان غاية الفعل ، كمثال : «سر من البصرة إلى الكوفة» فيدخل ، وما كان غاية الحكم كقوله عليه‌السلام : «كلّ شيء لك حلال ...» فلا يدخل. وذهب إليه المحقّق الحائريّ في ـ

۶۸۸۱