ونظر إلى ذلك كلّ من قيّد موضع النزاع بما إذا كان الجمع بين العنوانين بسوء اختيار المكلّف.

وإنّما قيّد بها موضع النزاع للاتّفاق بين الطرفين على عدم جواز الاجتماع في صورة عدم وجود المندوحة ، وذلك فيما إذا انحصر امتثال الأمر في مورد الاجتماع ، لا بسوء اختيار المكلّف.

والسرّ واضح ؛ فإنّه عند الانحصار تستحيل فعليّة التكليفين ؛ لاستحالة امتثالهما معا ؛ لأنّه إن فعل ما هو مأمور به فقد عصى النهي ، وإن تركه فقد عصى الأمر ، فيقع التزاحم حينئذ بين الأمر والنهي.

وظاهر أنّ اعتبار قيد المندوحة لازم لما ذكرناه ؛ إذ ليس النزاع جهتيّا ـ كما ذهب إليه صاحب الكفاية (١) ـ ، أي من جهة كفاية تعدّد العنوان في تعدّد المعنون وعدمه وإن لم يجز الاجتماع من جهة أخرى ، حتّى لا نحتاج إلى هذا القيد ، بل النزاع ـ كما تقدّم (٢) ـ هو في جواز الاجتماع وعدمه من أيّة جهة فرضت وليس جهتيّا. وعليه ، فما دام النزاع غير واقع في عدم الجواز في صورة عدم المندوحة فهذه الصورة لا تدخل في محلّ النزاع في مسألتنا.

فوجب ـ إذن ـ تقييد عنوان المسألة بقيد المندوحة كما صنع بعضهم (٣).

الفرق بين بابي التعارض والتزاحم ومسألة الاجتماع

من المسائل العويصة مشكلة التفرقة بين باب التعارض وباب التزاحم ، ثمّ بينهما وبين مسألة الاجتماع. ولا بدّ من بيان فرق بينها لتنكشف جيّدا حقيقة النزاع في مسألتنا «مسألة الاجتماع».

وجه الإشكال في التفرقة أنّه لا شبهة في أنّ من موارد التعارض بين الدليلين ما إذا كان

__________________

(١) كفاية الأصول : ١٨٧. واعترض عليه المحقّق الأصفهاني ، ثمّ ذكر وجها آخر لإنكار لزوم قيد المندوحة ، راجع نهاية الدراية ١ : ٥١٣ ـ ٥١٤.

(٢) تقدّم في الصفحة : ٣٢٠ ـ ٣٢٤.

(٣) منهم صاحب الفصول في الفصول الغرويّة : ١٢٤ ، والمحقّق الحائري في درر الفوائد ١ : ١١٥ ، وأبو المجد الأصفهاني في وقاية الأذهان : ٣٣٣ ـ ٣٣٤.

۶۸۸۱