معنى الحكومة». ومن هنا ابتدأت علاقة التلميذ بأستاذه.

إنّ موضوعا يحتاج إلى درس ستّة أشهر ـ وإن كان فيه نوع من المبالغة ـ كم يحتاج إلى البسط في البيان في التأليف ، بينما أنّ الشيخ قدس‌سره في كتبه لم يوفّه حقّه من البيان ، إلاّ بعض الشيء في التعادل والتراجيح ، وبعض اللقطات (١) المتفرّقة في غضون (٢) كتبه. ولذا بقي الموضوع متأرجحا (٣) في كتب الأصوليّين من بعده ، وإن كان مقصودهم ومقصوده أصبح واضحا عند أهل العلم في العصور المتأخّرة.

ولا يسع هذا المختصر شرح هذا الأمر ، شرحا كافيا ، وإنّما نكتفي بالإشارة إلى خلاصة ما توصّلنا إليه من فهم معنى الحكومة وفهم معنى أخيها «الورود» قدر الإمكان ، فنقول :

أ. الحكومة

إنّ الذي نفهمه من مقصودهم في الحكومة (٤) هو : أن يقدّم أحد الدليلين على الآخر تقديم سيطرة وقهر من ناحية أدائيّة ، ولذا سمّيت بـ «الحكومة». فيكون تقديم الدليل الحاكم على المحكوم ليس من ناحية السند ، ولا من ناحية الحجّيّة ، بل هما (٥) على ما هما عليه من الحجّية بعد التقديم ـ أي إنّهما بحسب لسانهما وأدائهما لا يتكاذبان في مدلولهما ، فلا يتعارضان ـ. وإنّما التقديم ـ كما قلنا ـ من ناحية أدائيّة بحسب لسانهما ، ولكن لا من جهة التخصيص ولا من جهة الورود الآتي معناه.

فأيّ تقديم للدليل على الآخر بهذه القيود فهو يسمّى «حكومة».

وهذا في الحقيقة هو الضابط لها ، فلذلك وجب توضيح الفرق بينها وبين التخصيص من

__________________

(١) أي : المتروكات.

(٢) أي : أثناء.

(٣) تأرجح لغة عاميّة في ترجّح. متأرجحا أي مهتزّا ومضطربا.

(٤) وفي «س» : من الحكومة.

(٥) أي : الدليل الحاكم ، والدليل المحكوم.

۶۸۸۱