وبهذا أيضا يتّضح أنّه لا وجه للتفصيل المتقدّم الذي مال إليه الشيخ الأعظم قدس‌سره ؛ فإنّ احتمال وجود الفرد الثاني في ظرف وجود الفرد الأوّل لا يقدّم ، ولا يؤخّر ، ولا يضمن الوحدة الخارجيّة للمتيقّن والمشكوك ، إلاّ إذا قلنا بمقالة من يذهب إلى أنّ نسبة الكلّيّ إلى أفراده من قبيل نسبة الأب الواحد إلى أبنائه ، وحاشا الشيخ قدس‌سره أن يرى هذا الرأي. ولا شكّ أنّ الحصّة الموجودة في ضمن الفرد الثاني من أوّل الأمر مشكوكة الحدوث. وأمّا : المتيقّن حدوثه فهو حصّة أخرى ، وهي في عين الحال متيقّنة الارتفاع. ويكون وزان هذا القسم وزان استصحاب الفرد المردّد الآتي ذكره.

تنبيه : وقد استثني من هذا القسم الثالث ما يتسامح به العرف ، فيعدّون الفرد اللاحق المشكوك الحدوث مع الفرد السابق كالمستمرّ الواحد ، مثل ما لو علم السواد الشديد في محلّ وشكّ في ارتفاعه أصلا ، أو تبدّله بسواد أضعف ، فإنّه في مثله حكم الجميع بجريان الاستصحاب. ومن هذا الباب ما لو كان شخص كثير الشكّ ثمّ شكّ في زوال صفة كثرة الشكّ عنه أصلا ، أو تبدّلها إلى مرتبة من الشكّ دون الأولى.

قال الشيخ الأعظم قدس‌سره في تعليل جريان الاستصحاب في هذا الباب : «فالعبرة في جريان الاستصحاب عدّ الموجود السابق مستمرّا إلى اللاحق ولو كان الأمر اللاحق على تقدير وجوده مغايرا بحسب الدقّة للفرد السابق» (١). يعني : أنّ العبرة في اتّحاد المتيقّن ، والمشكوك هو الاتّحاد عرفا ، وبحسب النظر المسامحيّ ، وإن كانا بحسب الدقّة العقليّة متغايرين ، كما في المقام.

التنبيه الثاني : الشبهة العبائيّة أو استصحاب الفرد المردّد

ينقل أنّ السيّد الجليل السيّد إسماعيل الصدر قدس‌سره زار النجف الأشرف أيّام الشيخ المحقّق الآخوند قدس‌سره ، فأثار في أوساطها العلميّة مسألة تناقلوها ، وصارت عندهم موضعا للردّ والبدل ، واشتهرت بالشبهة العبائيّة (٢).

__________________

(١) فرائد الأصول ٢ : ٥٤١.

(٢) هذا ما نقله المحقّق العراقيّ في نهاية الأفكار ٤ «القسم الأوّل» : ١٣٠ ، والسيّد الحكيم في حقائق الأصول ٢ : ٤٥٨.

۶۸۸۱