الباب الثالث
الإجماع
تمهيد
الإجماع أحد معانيه في اللغة : «الاتّفاق». والمراد منه في الاصطلاح : «اتّفاق خاصّ» ، وهو إمّا اتّفاق الفقهاء من المسلمين على حكم شرعيّ ، (١) ، أو اتّفاق أهل الحلّ والعقد من المسلمين على الحكم ، (٢) ، أو اتّفاق أمّة محمّد صلىاللهعليهوآله على الحكم ، (٣) على اختلاف التعريفات عندهم.
ومهما اختلفت هذه التعبيرات فإنّها ـ على ما يظهر ـ ترمي إلى معنى جامع بينها ، وهو اتّفاق جماعة لاتّفاقهم (٤) شأن في إثبات الحكم الشرعيّ. ولذا استثنوا من المسلمين سواد الناس (٥) وعوامّهم ؛ لأنّهم لا شأن لآرائهم في استكشاف الحكم الشرعيّ ، وإنّما هم تبع للعلماء ولأهل الحلّ والعقد.
وعلى كلّ حال ، فإنّ هذا الإجماع بما له من هذا المعنى قد جعله الأصوليّون من أهل السنّة أحد الأدلّة الأربعة (٦) ، أو الثلاثة (٧) على الحكم الشرعيّ ، في مقابل الكتاب والسنّة.
__________________
(١) هكذا عرّفه الحاجبيّ كما في شرح العضديّ ١ : ١٢٢.
(٢) كذا عرّفه في المحصول في علم الأصول ٢ : ٣ ، ونهاية السئول ٣ : ٢٣٧.
(٣) هذا معنى الإجماع عند الغزاليّ في المستصفى ١ : ١٧٣.
(٤) أي : اتّفاق جماعة كان لاتّفاقهم شأن ....
(٥) سواد الناس : عامّتهم.
(٦) كما في المستصفى ١ : ١٠٠ ، ونهاية السئول ١ : ٩ ، والموافقات ٣ : ٥ ، واللمع في أصول الفقه : ٦ ، وأصول الفقه (للخضري بك) : ٢٠٧.
(٧) ولعلّه مذهب المانعين من حجيّة القياس ، كالنظّام ، وبعض المعتزلة ، كما في إرشاد الفحول : ٢٠٠. ـ