أصل واحد هو «أصالة الظهور» ، ولذا لو كان الكلام ظاهرا في المجاز واحتمل إرادة الحقيقة انعكس الأمر ، وكان الأصل من اللفظ المجاز ، بمعنى أنّ الأصل الظهور ، ومقتضاه الحمل على المعنى المجازيّ ، ولا تجري أصالة الحقيقة حينئذ. وهكذا لو كان الكلام ظاهرا في التخصيص أو التقييد.

حجيّة الأصول اللفظيّة

وهي الجهة الثانية من البحث عن الأصول اللفظيّة ، والبحث عنها يأتي في بابه ـ وهو باب مباحث الحجّة (١) ـ. ولكن ينبغي الآن أن نتعجّل في البحث عنها ؛ لكثرة الحاجة إليها ، مكتفين بالإشارة ، فنقول :

إنّ المدرك والدليل في جميع الأصول اللفظية واحد ، وهو تباني العقلاء في الخطابات الجارية بينهم على الأخذ بظهور الكلام ، وعدم الاعتناء باحتمال إرادة خلاف الظاهر ، كما لا يعتنون باحتمال الغفلة ، أو الخطأ ، أو الهزل ، أو إرادة الإهمال والإجمال ، فإذا احتمل الكلام المجاز أو التخصيص أو التقييد أو التقدير لا يوقفهم ذلك عن الأخذ بظاهره ، كما يلغون أيضا احتمال الاشتراك والنقل ونحوهما.

ولا بدّ أنّ الشارع قد أمضى هذا البناء ، وجرى في خطاباته على طريقتهم هذه ، وإلاّ لزجرنا ونهانا عن هذا البناء في خصوص خطاباته ، أو لبيّن لنا طريقته لو كان له غير طريقتهم طريقة خاصّة يجب اتّباعها ، ولا يجوز التعدّي عنها إلى غيرها ، فيعلم من ذلك على سبيل الجزم أنّ الظاهر حجّة عنده كما هو عند العقلاء بلا فرق.

١٣. الترادف والاشتراك

لا ينبغي الإشكال في إمكان الترادف والاشتراك ، بل في وقوعهما في اللغة العربيّة ، فلا يصغى إلى مقالة من أنكرهما (٢). وهذه بين أيدينا اللغة العربيّة ووقوعهما فيها واضح

__________________

(١) يأتي في مبحث «وجه حجّية الظهور» من الباب الخامس من المقصد الثالث : ٤٩٤ و ٤٩٥.

(٢) كتغلب والأبهريّ والبلخيّ على ما في مفاتيح الأصول : ٢٣. وكالمحقّق النهاونديّ في تشريح الأصول : ٤٧.

۶۸۸۱