ج. الإطلاق والتقييد في التقسيمات الأوّليّة للواجب

إنّ كلّ واجب في نفسه له تقسيمات باعتبار الخصوصيّات التي يمكن أن تلحقه في الخارج ، مثلا الصلاة تنقسم في ذاتها مع قطع النظر عن تعلّق الأمر بها إلى : ١. ذات سورة ، وفاقدتها. ٢. ذات تسليم ، وفاقدته. ٣. صلاة عن طهارة ، وفاقدتها. ٤. صلاة مستقبل بها القبلة ، وغير مستقبل بها. ٥. صلاة مع الساتر وبدونه ... وهكذا يمكن تقسيمها إلى ما شاء الله من الأقسام بملاحظة أجزائها وشروطها وملاحظة كلّ ما يمكن فرض اعتباره فيها وعدمه. ويسمّى مثل هذه التقسيمات «التقسيمات الأوّليّة» ؛ لأنّها تقسيمات تلحقها في ذاتها مع قطع النظر عن فرض تعلّق شيء بها. وتقابلها «التقسيمات الثانويّة» التي تلحقها بعد فرض تعلّق شيء بها كالأمر مثلا ، وسيأتي ذكرها.

فإذا نظرنا إلى هذه التقسيمات الأوّليّة للواجب ، فالحكم بالوجوب بالقياس إلى كلّ خصوصيّة منها لا يخلو في الواقع من أحد احتمالات ثلاثة :

١. أن يكون مقيّدا بوجودها ، ويسمّى «بشرط شيء» ، مثل شرط الطهارة ، والساتر ، والاستقبال ، والسورة ، والركوع ، والسجود ، وغيرها من أجزاء وشرائط بالنسبة إلى الصلاة.

٢. أن يكون مقيّدا بعدمها ، ويسمّى «بشرط لا» ، مثل شرط الصلاة بعدم الكلام ، والقهقهة ، والحدث ، إلى غير ذلك من قواطع الصلاة.

٣. أن يكون مطلقا بالنسبة إليها ـ أي غير مقيّد بوجودها ولا بعدمها ـ ، ويسمّى «لا بشرط» ، مثل عدم اشتراط الصلاة بالقنوت ؛ فإنّ وجوبها غير مقيّد بوجوده ولا بعدمه. اهذا في مرحلة الواقع والثبوت.

وأمّا في مرحلة الإثبات والدلالة : فإنّ الدليل الذي يدلّ على وجوب شيء إن دلّ على اعتبار قيد فيه ، أو على اعتبار عدمه فذاك ، وإن لم يكن الدليل متضمّنا لبيان التقييد بما هو محتمل التقييد لا وجودا ولا عدما ، فإنّ المرجع في ذلك هو أصالة الإطلاق ، إذا توفّرت المقدّمات المصحّحة للتمسّك بأصالة الإطلاق على ما سيأتي في بابه ـ وهو باب المطلق والمقيّد (١) ـ ،

__________________

(١) يأتي في الصفحة : ١٩٦.

۶۸۸۱