تنبيهات الاستصحاب

بعد فراغ الشيخ الأنصاريّ قدس‌سره من ذكر الأقوال في المسألة ومناقشتها شرع في بيان أمور ـ تتعلّق به ـ بلغت اثني عشر أمرا ، (١) واشتهرت باسم «تنبيهات الاستصحاب» ، فصار لها شأن كبير عند الأصوليّين ، وصارت موضع عنايتهم ؛ لما لأكثرها من الفوائد الكبيرة في الفقه ؛ ولما لها من المباحث الدقيقة الأصوليّة. وزاد فيها شيخ أساتذتنا في «الكفاية» تنبيهين ، فصارت أربعة عشر تنبيها (٢). ونحن ذاكرون بعون الله (تعالى) أهمّها ، متوخّين (٣) الاختصار حدّ الإمكان ، والاقتصار على ما ينفع الطالب المبتدئ.

التنبيه الأوّل : استصحاب الكلّيّ

الغرض من استصحاب الكلّيّ هو استصحابه فيما إذا تيقّن بوجوده في ضمن فرد من أفراده ثمّ شكّ في بقاء نفس ذلك الكلّيّ. وهذا الشكّ في بقاء الكلّيّ في ضمن أفراده يتصوّر على أنحاء ثلاثة ، عرفت باسم «أقسام استصحاب الكلّيّ» :

١. أن يكون الشكّ في بقاء الكلّيّ من جهة الشكّ في بقاء نفس ذلك الفرد الذي تيقّن بوجوده. (٤)

٢. أن يكون الشكّ في بقاء الكلّيّ من جهة الشكّ في تعيين ذلك الفرد المتيقّن سابقا ، بأن يتردّد الفرد بين ما هو باق جزما وبين ما هو مرتفع جزما ، أي إنّه كان قد تيقّن على الإجمال بوجود فرد ما من أفراد الكلّيّ ، فيتيقّن بوجود الكلّيّ في ضمنه ، ولكن هذا الفرد الواقعيّ مردّد عنده بين أن يكون له عمر طويل فهو باق جزما في الزمان الثاني وبين أن

__________________

(١) راجع فرائد الأصول ٢ : ٦٣٨ ـ ٦٨٩.

(٢) كفاية الأصول : ٤٥٩ ـ ٤٨٩.

(٣) أي : قاصدين.

(٤) سواء كان من جهة الشكّ في المقتضي أو الرافع. مثاله ما إذا علم بوجود الإنسان في الدار لعلمه بوجود زيد ـ مثلا ـ فيها ، ثمّ شكّ في بقاء زيد في الدار ، فيلزم منه الشكّ في بقاء الإنسان الكلّي.

۶۸۸۱