من التقييد حسب الفرض ، وإذا لم يبيّن ولم يقيّد كلامه فيعلم أنّه أراد الإطلاق وإلاّ لكان مخلاّ بغرضه.

فاتّضح من ذلك أنّ كلّ كلام صالح للتقييد ولم يقيّده المتكلّم مع كونه حكيما ملتفتا جادّا وفي مقام البيان والتفهيم ، فإنّه يكون ظاهرا في الإطلاق ويكون حجّة على المتكلّم والسامع.

تنبيهان

التنبيه الأوّل : القدر المتيقّن في مقام التخاطب

إنّ الشيخ المحقّق صاحب الكفاية قدس‌سره أضاف إلى مقدّمات الحكمة مقدّمة أخرى غير ما تقدّم ، وهي ألاّ يكون هناك قدر متيقّن في مقام التخاطب والمحاورة (١) ، وإن كان لا يضرّ وجود القدر المتيقّن خارجا في التمسّك بالإطلاق (٢). ومرجع ذلك إلى أنّ وجود القدر المتيقّن في مقام المحاورة يكون بمنزلة القرينة اللفظيّة على التقييد ، فلا ينعقد للّفظ ظهور في الإطلاق مع فرض وجوده.

ولتوضيح البحث نقول : إنّ كون المتكلّم في مقام البيان يتصوّر على نحوين :

١. أن يكون المتكلّم في صدد بيان تمام موضوع حكمه ، بأن يكون غرض المتكلّم يتوقّف على أن يبيّن للمخاطب ويفهمه ما هو تمام الموضوع ، وأنّ ما ذكره هو تمام موضوعه لا غيره.

٢. أن يكون المتكلّم في صدد بيان تمام موضوع الحكم واقعا ، ولو لم يفهم المخاطب أنّه تمام الموضوع فليس له غرض إلاّ بيان ذات موضوع الحكم بتمامه حتى يحصل من المكلّف الامتثال ؛ وإن لم يفهم المكلّف تفصيل الموضوع بحدوده.

فإن كان المتكلّم في مقام البيان على النحو الأوّل فلا شكّ في أنّ وجود القدر المتيقّن في مقام المحاورة لا يضرّ في ظهور المطلق في إطلاقه ، فيجوز التمسّك بالإطلاق ؛ لأنّه

__________________

(١) كفاية الأصول : ٢٨٧.

(٢) والمحقّق العراقيّ اعتبر انتفاء القدر المتيقّن مطلقا ولو من الخارج. نهاية الأفكار ٢ : ٥٦٧ و ٥٧٤.

۶۸۸۱