من الاحتياط. ويفهم هذا التفصيل ـ من المراد باليقين ـ من الاستدراك وهو قوله : «ولكن» ، فإنّه بعد أن نهى عن نقض اليقين بالشكّ ذكر العلاج بقوله : «لكن» ، فهو أمر بنقض الشكّ باليقين ، والإتمام على اليقين ، والبناء عليه ، ولا يتصوّر ذلك إلاّ بإتيان ركعة منفصلة. ولا يجب ـ كما قيل (١) ـ أن يكون المراد من «اليقين» في جميع الفقرات معنى واحدا ، بل لا يصحّ ذلك ؛ فإنّ أسلوب الكلام لا يساعد عليه ؛ فإنّ الناقض للشكّ يجب أن يكون غير الذي ينقضه الشكّ.

والحاصل أنّ الرواية تكون خلاصة معناها النهي عن الإبطال ، والنهي عن الركون إلى ما تذهب إليه العامّة من البناء على الأقلّ ، والنهي عن البناء على الأكثر مع عدم الإتيان بركعة منفصلة. ثمّ تضمّنت الأمر ـ بعد ذلك ـ بما يؤدّي معنى الأخذ بالاحتياط بالإتيان بركعة منفصلة ، لأنّه بهذا يتحقّق نقض الشكّ باليقين والإتمام على اليقين والبناء عليه.

وعلى هذا ، فالرواية تتضمّن قاعدة الاستصحاب ، وتنطبق أيضا على باقي الروايات المبيّنة لمذهب الخاصّة ، وإن كانت ليست ظاهرة فيه على وجه تكون بيانا لمذهب الخاصّة ، ولكن صدرها يفسّرها. ويظهر أنّ الإمام عليه‌السلام أوكل الحكم وتفصيله إلى معروفيّة هذا الحكم عند السائل وإلى فهمه وذوقه ، وإنّما أراد أن يؤكّد على سرّ هذا الحكم ، والردّ على من يرى خلافه الذي فيه نقض لليقين بالشكّ وعدم الأخذ باليقين.

٤. رواية محمّد بن مسلم :

محمّد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من كان على يقين فشكّ ، فليمض على يقينه ، فإنّ الشكّ لا ينقض اليقين». (٢)

وفي رواية أخرى عنه عليه‌السلام بهذا المضمون : «من كان على يقين فأصابه شكّ فليمض على يقينه ، فإنّ اليقين لا يدفع بالشكّ». (٣)

__________________

(١) تعريض للشيخ الأنصاريّ ، والمحقّق الخراسانيّ ؛ فإنّ الظاهر من كلماتهما أنّ المراد من اليقين هو اليقين بالبراءة. فرائد الأصول ٢ : ٥٦٧ ؛ كفاية الأصول : ٤٥٠.

(٢) الخصال : ٦١٩.

(٣) الإرشاد (للمفيد) : ١٥٩.

۶۸۸۱