٢. معنى الحجّة

١. الحجّة لغة : كلّ شيء يصلح أن يحتجّ به على الغير. (١)

وذلك بأن يكون به الظفر على الغير عند الخصومة معه. والظفر على الغير على نحوين : إمّا بإسكاته وقطع عذره وإبطاله ، وإمّا بأن يلجئه إلى [قبول] عذر صاحب الحجّة ، فتكون الحجّة معذّرة له لدى الغير.

٢. وأمّا الحجّة في الاصطلاح العلميّ فلها معنيان أو اصطلاحان :

أ : ما عند المناطقة. ومعناها : «كلّ ما يتألّف من قضايا تنتج مطلوبا» ، أي مجموع القضايا المترابطة التي يتوصّل بتأليفها وترابطها إلى العلم بالمجهول ، سواء كان في مقام الخصومة مع أحد أم لم يكن. وقد يطلقون الحجّة أيضا على نفس «الحدّ الأوسط» في القياس. (٢)

ب : ما عند الأصوليّين. ومعناها عندهم حسب تتبّع استعمالها : «كلّ شيء يثبت متعلّقه ولا يبلغ درجة القطع» ، أي لا يكون سببا للقطع بمتعلّقه ، وإلاّ فمع القطع يكون القطع هو الحجّة ، ولكن هو حجّة بمعناها اللغويّ. أو قل بتعبير آخر : «الحجّة : كلّ شيء يكشف عن شيء آخر ، ويحكي عنه على وجه يكون مثبتا له».

ونعني بكونه مثبتا له : أنّ إثباته له يكون بحسب الجعل من الشارع لا بحسب ذاته. ويكون معنى «إثباته له» حينئذ أنّه يثبت الحكم الفعليّ في حقّ المكلّف بعنوان أنّه (٣) هو الواقع. وإنّما يصحّ ذلك ويكون مثبتا له بضميمة الدليل على اعتبار ذلك الشيء الكاشف الحاكي ، وعلى أنّه حجّة من قبل الشارع.

وسيأتي إن شاء الله (تعالى) تحقيق معنى الجعل للحجيّة ، و [أنّه] كيف يثبت

__________________

(١) كما قال في مجمع البحرين ١٥٥ : «الحجّة ـ بضمّ الحاء ، ـ : الاسم من الاحتجاج».

(٢) راجع حاشية ملاّ عبد الله : ٣٧. وقال في فوائد الأصول ٣ : ٧ : «الحجّة باصطلاح المنطقي عبارة عن الوسط الذي بينه وبين الأكبر ـ الذي يراد إثباته للأصغر ـ علقة وربط ثبوتي».

(٣) أي ذلك الحكم الفعليّ.

۶۸۸۱