أ : المقصود من المقتضي والمانع

ونحيل ذلك إلى تصريح الشيخ قدس‌سره نفسه ، فقد قال : «المراد بالشكّ من جهة المقتضي الشكّ من حيث استعداده ، وقابليّته في ذاته للبقاء ، كالشكّ في بقاء الليل ، والنهار ، وخيار الغبن بعد الزمان الأوّل». (١)

فيفهم منه أنّه ليس المراد من المقتضي ـ كما قد ينصرف ذلك من إطلاق كلمة «المقتضي» ـ مقتضي الحكم ، أي الملاك والمصلحة فيه (٢) ، ولا المقتضي لوجود الشيء في باب الأسباب والمسبّبات ، بحسب الجعل الشرعيّ ، (٣) مثل أن يقال : «إنّ الوضوء مقتض للطهارة» ، و «عقد النكاح مقتض للزوجيّة». بل المراد (٤) نفس استعداد المستصحب في ذاته للبقاء وقابليّته له من أيّة جهة كانت تلك القابليّة ، وسواء فهمت هذه القابليّة من الدليل ، أو من الخارج. ويختلف ذلك باختلاف المستصحبات وأحوالها ، فليس فيه نوع ، ولا صنف مضبوط من حيث مقدار الاستعداد ، كما صرّح بذلك الشيخ قدس‌سره (٥).

والتعبير عن الشكّ في القابليّة بـ «الشكّ في المقتضي» فيه نوع من المسامحة توجب الإيهام. وينبغي أن يعبّر عنه بـ «الشكّ في اقتضائه للبقاء» ، لا «الشكّ في المقتضي» ، ولكن بعد وضوح المقصود ، فالأمر سهل.

وأمّا : الشكّ في الرافع فعلى هذا يكون المقصود منه الشكّ في طروّ ما يرفع المستصحب ، مع القطع باستعداده وقابليّته للبقاء لو لا طروّ الرافع ، كما صرّح به الشيخ قدس‌سره ، وذكر أنّه على أقسام. (٦) والمتحصّل من مجموع كلامه في جملة مقامات أنّه ينقسم إلى

__________________

(١) فرائد الأصول ٢ : ٥٥٨ ـ ٥٥٩.

(٢) قال المحقّق العراقيّ : «ما أظنّ أحدا يريد من المقتضي في المقام ما هو الملاك لإحداث تشريع الحكم ، ولو لم يكن مقتضيا لبقائه». راجع تعليقاته على فوائد الأصول ٤ : ٣٢٤.

(٣) وهذا المعنى من المقتضي هو مراد المحقّق الحلّي في المعارج : ٢١٠ ، بقرينة تمثيله بعقد النكاح.

(٤) كما هو المعروف بين الأعلام على ما في كتاب الاستصحاب (للإمام الخمينىّ) : ١٧.

(٥) فرائد الأصول ٢ : ٥٥٩.

(٦) فرائد الأصول ٢ : ٥٥٩.

۶۸۸۱