٢. صيغة النهي

المراد من صيغة النهي كلّ صيغة تدلّ على طلب الترك. أو فقل ـ على الأصحّ ـ : كلّ صيغة تدلّ على الزجر عن الفعل وردعه عنه ، كصيغة «لا تفعل» أو «إيّاك أن تفعل» ونحو ذلك.

والمقصود بـ «الفعل» الحدث الذي يدلّ عليه المصدر وإن لم يكن أمرا وجوديّا ، فيدخل فيها ـ على هذا ـ نحو قولهم : «لا تترك الصلاة» ؛ فإنّها من صيغ النهي لا من صيغ الأمر. كما أنّ قولهم : «اترك شرب الخمر» تعدّ من صيغ الأمر لا من صيغ النهي وإن أدّت مؤدّى «لا تشرب الخمر».

والسرّ في ذلك واضح ؛ فإنّ المدلول المطابقيّ لقولهم : «لا تترك» هو الزجر والنهي عن ترك الفعل ، وإن كان لازمه الأمر بالفعل ، فيدلّ عليه بالدلالة الالتزاميّة. والمدلول المطابقي لقولهم : «اترك» هو الأمر بترك الفعل ، وإن كان لازمه النهي عن الفعل ، فيدلّ عليه بالدلالة الالتزاميّة.

٣. ظهور صيغة النهي في التحريم

الحقّ أنّ صيغة النهي ظاهرة في التحريم ، ولكن لا لأنّها موضوعة لمفهوم الحرمة وحقيقة فيه كما هو المعروف (١) ، بل حالها في ذلك حال ظهور صيغة «افعل» في الوجوب ، فإنّه قد قلنا هناك : إنّ هذا الظهور إنّما هو بحكم العقل (٢) ، لا أنّ الصيغة موضوعة ومستعملة في مفهوم الوجوب.

وكذلك صيغة «لا تفعل» ؛ فإنّها أكثر ما تدلّ عليه النسبة الزجريّة بين الناهي والمنهيّ

__________________

(١) نسبه المحقّق القمي إلى الأشهر ، فراجع القوانين ١ : ١٣٦. ونسبه إلى الأكثر في الفصول الغرويّة : ١٢٠. وفي إرشاد الفحول نسبه إلى جمهور العامّة ، فراجع إرشاد الفحول : ١٠٩.

(٢) وهذا ما قال به المحقّق النائينيّ في فوائد الأصول ١ : ١٣٦. واختاره المصنّف رحمه‌الله هنا. وقد مرّ في الصفحة : ٨٣ و ٨٥.

۶۸۸۱