٤. متعلّق النهي ، لا شكّ في أنّ متعلّق النهي ـ هنا ـ يجب أن يكون ممّا يصحّ أن يتّصف بالصّحّة والفساد ليصحّ النزاع فيه ، وإلاّ فلا معنى لأن يقال ـ مثلا ـ : إنّ النهي عن شرب الخمر يقتضي الفساد أو لا يقتضي.

وعليه ، فليس كلّ ما هو متعلّق للنهي يقع موضعا للنزاع في هذه المسألة ، بل خصوص ما يقبل وصفي الصحّة والفساد. وهذا واضح.

ثمّ إنّ متعلّق النهي يعمّ العبادة والمعاملة اللتين يصحّ وصفهما بالفساد ، فلا اختصاص للمسألة بالعبادة ، كما ربّما ينسب إلى بعضهم (١).

وإذا اتّضح المقصود من الكلمات التي وردت في العنوان يتّضح المقصود من النزاع ومحلّه هنا ؛ فإنّه يرجع إلى النزاع في الملازمة العقليّة بين النهي عن الشيء وفساده ، فمن يقول بالاقتضاء فإنّما يقول بأنّ النهي يستلزم عقلا فساد متعلّقه ، وقد يقول مع ذلك بأنّ اللفظ الدالّ على النهي دالّ على فساد المنهيّ عنه بالدلالة الالتزاميّة. ومن يقول بعدمه إنّما يقول بأنّ النهي عن الشيء لا يستلزم عقلا فساده.

أو فقل : إنّ النزاع هنا يرجع إلى النزاع في وجود الممانعة والمنافرة عقلا بين كون الشيء صحيحا وبين كونه منهيّا عنه ، أي إنّه هل هناك ممانعة من الجمع بين صحّة الشيء والنهي عنه أو لا؟

ولأجل هذا تدخل هذه المسألة في بحث الملازمات العقليّة ، كما صنعنا.

ولمّا كان البحث يختلف اختلافا كثيرا في كلّ واحدة من العبادة والمعاملة عقدوا البحث في موضعين : العبادة ، والمعاملة ، فينبغي البحث عن كلّ منهما مستقلاّ في مبحثين :

المبحث الأوّل : النهي عن العبادة

المقصود من العبادة التي هي محلّ النزاع في المقام العبادة بالمعنى الأخصّ ـ أي خصوص ما يشترط في صحّتها قصد القربة ـ ، أو فقل : هي خصوص الوظيفة التي شرعها الله (تعالى) لأجل التقرّب بها إليه.

__________________

(١) لم أعثر على الناسب ولا المنسوب إليه.

۶۸۸۱