بالباطل كما تقول : أضلّني فلان عن الطريق ، إذا أشار إلى غيره وأوهم أنّه هو الطريق. ويطلق على فعل الضلالة في الانسان كفعل الجهل فيه حتى يكون معتقداً خلاف الحق.
ويطلق على الإهلاك والبطلان كما قال تعالى : ﴿فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ﴾ يعني يبطلها.
والهدى يقال لمعان ثلاثة مقابلة لهذه المعاني ، فيقال بمعنى نصب الدلالة على الحق كما تقول : هداني إلى الطريق ، وبمعنى فعل الهدى في الإنسان حتى يعتقد الشيء على ما هو به ، وبمعنى الإثابة كقوله تعالى : ﴿سَيَهْدِيهِمْ﴾ يعني سيثيبهم.
والأوّلان منفيان عنه تعالى ، يعني الإشارة إلى خلاف الحق وفعل الضلالة ، لأنّهما قبيحان والله تعالى منزّه عن فعل القبيح.
وأمّا الهداية فالله تعالى نصب الدلالة على الحق وفعل الهداية الضرورية
__________________
ـ اهتدى بالهداية العامّة فيوفقه بتحصيل أعلى درجاتها ، وإلى ذلك يشير الكتاب العزيز ويقول : ﴿اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ﴾ (الشورى : ١٣) ويقول : ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ﴾ (محمد : ١٧) ويقول تعالى : ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً﴾ (الكهف : ١٣). (١)
وممّا يدل على أنّ الضلالة والهداية بمعنى المثوبة والإهلاك قوله سبحانه : ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ﴾ (محمد : ١).
﴿وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ* سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ* وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ﴾ (محمد : ٤ ـ ٦).
__________________
(١) وإن أردت التفصيل فلاحظ الإلهيات : ٢ / ٣٨٧ ـ ٣٩٤.