وعلى الحكم والإيجاب ، كقوله تعالى : ﴿وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ (١) أي أوجب وألزم.

وعلى الإعلام والإخبار ، كقوله تعالى : ﴿وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ (٢) أي أعلمناهم وأخبرناهم.

ويطلق القدر على الخلق ، كقوله تعالى : ﴿وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها (٣).

والكتابة ، كقول الشاعر :

واعلم بأن ذا الجلال قد قدر

في الصحف الأولى التي كان سطر

والبيان ، كقوله تعالى : ﴿إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ (٤) أي بيّنا وأخبرنا بذلك.

إذا ظهر هذا فنقول للأشعري : ما تعني بقولك أنّه تعالى قضى أعمال العباد وقدّرها؟ إن أردت به الخلق والإيجاد فقد بيّنا بطلانه وأنّ الأفعال مستندة إلينا ، وإن عنى به الإلزام لم يصحّ إلّا في الواجب خاصة ، وإن عنى به أنّه تعالى بيّنها وكتبها وأعلم أنّهم سيفعلونها فهو صحيح لأنّه تعالى قد كتب ذلك أجمع في اللوح المحفوظ وبيّنه لملائكته ، وهذا المعنى الأخير هو المتعيّن (٥) للإجماع على وجوب الرضا بقضاء الله تعالى وقدره ، ولا يجوز الرضا

__________________

(١) الإسراء : ٢٣.

(٢) الإسراء : ٤.

(٣) فصلت : ١٠.

(٤) النمل : ٥٧.

(٥) ولكن الوارد في كلام الإمام هو الثاني لا الثالث فتدبّر ، وعلى أيّ حال يجب الجمع بين لزوم الرضا بقضاء الله وقدره من جانب ومن جانب لا يجوز الرضا بالكفر وغيره من القبائح ، ولا يمكن الجمع إلّا بتفسير القضاء بإعلام الله سبحانه وبيانه وكتابته وأمّا إذا فسّر بالمعنى الأوّل ، (بمعنى الخلق والإيجاد) فلا يمكن الجمع بين الأمرين.

۳۰۸۱