منها : ما يقال بالإضافة إلى الطاعة ، فيقال : هذه المعصية صغيرة في مقابلة الطاعة أو هي أصغر من هذه الطاعة ، باعتبار أنّ عقابها ينقص في كل وقت عن ثواب تلك الطاعة في كل وقت ، وإنما شرطنا عموم الوقت لأنّه متى اختلف الحال في ذلك بأن يزيد تارة ثواب الطاعة عن عقاب المعصية وتارة ينقص لم نقل إنّ تلك صغيرة بالإضافة إلى تلك الطاعة على الإطلاق بل تقيد بالحالة التي يكون عقابها أقل من ثواب الطاعة ، وحصول الاختلاف (١) بما يقترن بالطاعة والمعصية ، فإنّ الإنفاق في سبيل الله مختلف كما قال تعالى : ﴿لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ﴾ (٢).
ومنها : أن يقال بالنسبة إلى معصية أُخرى ، فيقال : هذه المعصية أصغر من تلك ، بمعنى أنّ عقاب هذه ينقص في كل وقت عن عقاب الأُخرى.
ومنها : أن يقال بالإضافة إلى ثواب فاعلها ، بمعنى أن عقابها ينقص في كل وقت عن ثواب فاعلها في كل وقت ، هذا هو الذي يطلقه العلماء عليه (٣).
والكبير يقال على وجوه مقابلة لهذه الوجوه.
إذا عرفت هذا فنقول : الحقّ أنّ عقاب أصحاب الكبائر منقطع ،
__________________
(١) هو مبتدأ خبره ما يليه أي بما يقترن بالطاعة والمعصية ، أي بما يقترن بهما أُمور يوجب نقصان ثواب طاعة كقوة الإسلام ، وزيادته كضعفه ، فإنّ الإنفاق قبل الفتح كان إنفاقاً في حال ضعف الإسلام والمسلمين ، والإنفاق بعده إنفاق في حال قوتهما ، فهذه الأُمور المقارنة توجب الاختلاف.
(٢) الحديد : ١٠.
(٣) والظاهر أنّه من مختصات المعتزلة ، قال الطبرسي في تفسير قوله سبحانه : ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ﴾ (النساء : ٣١) : وقالت المعتزلة : الصغيرة ما نقص عقابه عن ثواب صاحبه (مجمع البيان : ٢ / ٣٨ ، ط صيدا).