ومنع أبو علي وجماعة من المعتزلة (١) استحقاق المدح والثواب بالإخلال بالقبيح وصارا إلى ذلك لأنّ المكلف يمتنع خلوّه من الأخذ والترك الذي هو فعل الضد.

والحقّ ما ذكره المصنف رحمه‌الله ، فإنّ العقلاء يستحسنون ذمّ المخلّ

__________________

ـ الأوامر ، وعلى قول من يقول إنّه الترك فليس بضد فإنّه غير وجودي وسبب الاستحقاق هو الاخلال بالقبيح وهو تركه ، فكلام الشارح غير جيد». (تعليقة المحقق الأردبيلي المطبوعة في حاشية شرح القوشجي).

توضيح المقام هو أنّ الأُصوليين اختلفوا في أنّ الموضوع له لهيئة النهي هل هو الكف عن الشيء أو نفس «ألّا تفعل» ، وقول الشارح : «وفعل ضد القبيح» إشارة إلى النظرية الأُولى ، ولكن تفسيره بقوله : «وهو الترك» غير صحيح ، بل الصحيح أن يقول : وهو الكف ، وقوله بالإخلال بالقبيح إشارة إلى النظرية الثانية أي مجرد «ألّا تفعل».

(١) توضيحه : أنّ هؤلاء قصروا الثواب بصورة واحدة وهو الكف عن الحرام. وأمّا إذا ترك الحرام من دون التفات إليه فلم يروا فيه ثواباً ، واستدلوا لذلك بأنّ المكلف على أي حال كان ، فإمّا فاعل أو تارك ويمتنع عليه الخروج عنهما فهو لا يقدر على غيرهما وغير المقدور لا يطلبه الشارع على قواعد العدلية.

ولما اعترض عليهم بأنّ لازم هذا الاستدلال عدم تحقّق المعصية في الإخلال بالواجب وتركه (بلا التفات) مع أنّ العقلاء يستحسنون الذم على من ترك الواجب بلا التفات وكف عن فعله ، فأجابوا بالالتزام بأنّ الإخلال بفعل الواجب لا تتحقق به المعصية لعدم القدرة على الإخلال لعين الدليل المذكور في ترك الحرام.

وقد ردّه الشارح بأنّ العقلاء يستحسنون ذم المخلّ بالواجب ، أي بنفس الترك ، وإن لم يتصوّروا منه فعلاً كما يستحسنون ذمه على فعل القبيح.

ومع هذا التقرير فلم تتبين كيفية الاستدلال ، لأنّ عدم الخروج من الفعل والترك لا يكون دليلاً على سلب القدرة وإلّا لزم نفي القدرة بتاتاً في جميع الموارد وذلك لأنّ الانسان إذا قيس على أي موضوع فلا يخلو من الفعل والترك.

۳۰۸۱