قال : ولا يستدعي العلمُ صوراً مغايرة للمعلومات عنده (١) لأنّ نسبة الحصول إليه أشدُّ من نسبة الصور المعقولة لنا.

أقول : هذا جواب عن اعتراض آخر أورده من نفى علم الله تعالى بالماهيات المغايرة له.

وتقرير الاعتراض : أنّ العلم صورة مساوية للمعلوم في العالم ، فلو كان

__________________

(١) الإشكال في علمه سبحانه بالماهيات المغايرة له ـ على حد تعبير الشارح ـ أو الوجودات المغايرة له ـ حسب تعبيرنا ـ مبني على حصر العلم بالقسم الحصولي أي الصور المرتسمة الحالّة في العالم وعندئذ يتوقف علمه سبحانه بها على توسط صورة بينه وبين الموجودات فيتسرَّب ما ذكر من الإشكالات ، وأمّا إذا كسرنا إطار الحصر وقلنا : إنّه ينقسم إلى حضوري وحصولي ولا يتوقف القسم الأوّل ، على انتزاع صورة من المعلوم بل هو بنفسه وواقعه يكون حاضراً لدى العالم بلا توسط صورة ، فيرتفع الإشكال.

ويعلم حال علمه سبحانه بذاته من مقايسة علم النفس بالصورة المرتسمة الحاكية عن الخارج فإنّها عالمة بالخارج بتوسط الصور وأمّا علمها بها ، فلا يتوقف على توسط صورة أُخرى وإلّا لزم التسلسل.

والله سبحانه عالم بالوجودات الإمكانية بنفسها لأنّها فعله القائم به قيام المعنى الحرفي ، بالاسمي ، ولا يتوقف علمه بها على توسيط صور بينه وبينها. فمَثل الوجودات الإمكانية بالنسبة إليه تعالى ، كمثل الصور المرتسمة لدى النفس ولكن حضورها عنده تعالى أشدّ من حضورها لديها. لأنّ نسبته إليه ، نسبة المؤثر إلى الأثر والموجد إلى موجَده ، بخلاف نسبتها إليها ، إذ هو من قبيل نسبة القابل إلى المقبول.

نعم بناءً على أنّ النفس خلّاق للصور ، وموجدة لها بعد تحقق مقدمات ومعدات من الحواس ، يكون التشبيه أوضح إذ النفس تكون خلّاقة للصور في ظلّ خلاقيته سبحانه لما سواه فيكون مثَلاً له في عالم الشهادة ، وإن كان سبحانه نزيهاً عن المثْل.

۳۰۸۱