وقال الجُبّائيان وأصحابهما وأبو الحسين البصري : إنّ أجله هو الوقت الذي قتل فيه وليس له أجل آخر (١) لو لم يقتل ، فما كان يعيش (٢) إليه ليس بأجل له الآن حقيقي بل تقديري.

واحتج الموجبون لموته بأنّه لولاه لزم خلاف معلوم الله (٣) تعالى وهو محال.

واحتج الموجبون لحياته بأنّه لو مات لكان الذابح غنم غيره محسناً إليه ، ولما وجب القود لأنّه لم يفوّت حياته.

والجواب عن الأوّل : ما تقدم من أنّ العلم لا يؤثر في المعلوم (٤).

__________________

(١) يريد أنّ الأجل الذي سمّيناه أجلاً مطلقاً ليس أجلاً حقيقياً بل أجل تقديريّ وأنّه لو لم يُقتل لعاش إلى هذا الحد.

(٢) ما في قوله : «فما» زمانية أي المدّة التي كان يعيش إليه لو لا القتل.

(٣) يريد : أنّه إذا تعلّق علمه بالمسبب أي القتل في وقت كذا ، يجب أن يموت على كل تقدير ، ولو لم يُقتل لمات بسبب آخر.

قال سبحانه : ﴿قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ ... (آل عمران: ١٥٤).

(٤) يعني أنّ علمه سبحانه ليس سبباً للقتل ، بل لوقوعه سبب خاص ، والظاهر أنّ الجواب غير نافع لأنّ الخصم لا يدّعي أنّ علمه سبحانه سبب للقتل وعلّة له حتى يقال العلم تابع كما قالوه عند ردّ كون علمه سبباً للجبر ، بل يدّعي أنّ علمه تعلّق بموته ، أي المسبب ، وافتراض أنّه يعيش لو لم يُقتل ، يخالف علمه الكاشف غير المتخلف.

والأولى أن يقال : إنّه صحيح إذا تعلّق علمه القطعي بموته ، فعند ذلك لو لم يقتل لمات بعامل آخر ، كما في الآية ، ولكن المنكشف لنا ، هو تعلّق علمه بأنّه يموت بالقتل وأمّا أنّه يموت مطلقاً ولو لم يقتل فليس بمنكشف لنا.

۳۰۸۱