جهة فرض الوقوع ولا ينافي الاختيار. وبهذا التحقيق يندفع جميع المحاذير اللازمة لأكثر المتكلمين في قولهم : القادر يرجح أحد مقدوريه على الآخر لا لمرجح.
قال : واجتماعُ القدرة على المستقبل مع العدم.
أقول : هذا جواب عن سؤال آخر ، وتقريره أن نقول : الأثر إمّا حاصل في الحال فواجب فلا يكون مقدوراً ، أو معدوم فممتنع فلا قدرة (١).
وتقرير الجواب : أنّ الأثر معدوم حال حصول القدرة ولا نقول إنّ القدرة حال عدم الأثر تفعل الوجود في تلك الحال بل في المستقبل ، فيمكن
__________________
(١) حاصل الشبهة انّ الأثر إذا كان حاصلاً في الحال لا تتعلّق به القدرة لأنّه ، يكون واجباً بالوجوب اللاحق لأنّه ما لم يجب لم يوجد ، وإن تعلقت به في حال العدم ، يكون العدم واجباً كالوجود ، بالامتناع اللاحق فإذا كان كذلك لا تتعلق القدرة في كل حال على شيء.
والجواب : انّا نختار الشق الأوّل ونقول : إنّ القدرة في حال وجود الأثر ، تؤثر في عدمه في المستقبل (الآن الثاني) بمعنى انّ الوجود يكون محدوداً ، ونختار الشق الثاني (كما عليه عبارة الشارح) ونقول : إنّ القدرة تؤثر في وجود المقدور في المستقبل (الآن الثاني) ويكون العدم منتقضاً غير باق.
فإن قلت : كيف تتعلق القدرة في الحال (الشق الثاني) ، بالمعدوم فعلاً ، الموجود في المستقبل؟
قلت : إنّ القدرة في الحال ، موجودة لكنها لا تتعلق كذلك بما يتحقّق في المستقبل ، بل تتعلق في الاستقبال بالفعل الاستقبالي فالقدرة حالية ، ولكن التعلق والفعل استقباليان ، وإلى هذا ينظر قول الشارح : «لا تتعلق بالوجود في الاستقبال في الحال ، بل في الاستقبال» وإن شئت قلت : القدرة لا تتعلق في الحال بالوجود الاستقبالي ، بل تتعلق في الاستقبال بالوجود الاستقبالي والحاصل أنّ التعلق والفعل كلاهما استقباليان ، وإن كانت القدرة موجودة حالياً.