بيان الملازمة : أنّ المكلّف إذا علم أن المكلَّف لا يطيع إلّا باللطف فلو كلّفه من دونه كان ناقضاً لغرضه ، كمن دعا غيره إلى طعام وهو يعلم أنّه لا يجيبه إلّا إذا فعل معه نوعاً من التأدب ، فإذا لم يفعل الداعي ذلك النوع من التأدب كان ناقضاً لغرضه ، فوجوب اللطف يستلزم تحصيل الغرض.
قال : فإن كان من فعله تعالى وجب عليه ، وإن كان من المكلّف وجب أن يُشعِره به ويُوجبَه ، وإن كان من غيرهما شُرِطَ في التكليف العلمُ بالفعل.
أقول : لما ذكر وجوب اللطف شرع في بيان أقسامه (١) وهو ثلاثة :
الأوّل : أن يكون من فعل الله تعالى ، فهذا يجب على الله تعالى فعله لما تقدم.
الثاني : أن يكون من فعل المكلف ، فهذا يجب على الله تعالى أن يعرّفه إياه ويشعره به ويوجبه عليه.
الثالث : أن يكون من فعل غيرهما فهذا ما يشترط في التكليف بالملطوف فيه العلم بأن ذلك الغير يفعل اللطف.
__________________
(١) ذكر الشارح أنّ للّطف أقساماً ثلاثة :
١ ـ ما يكون من فعل الله ، كالتبشير والإنذار ، وربّما يمثل بإرسال الرسل وإنزال الكتب ، ولكنّه خارج عن حد اللطف ، لما عرفت أنّ ما كان مؤثراً في التمكين فهو ليس بلطف ، والمثالان من هذا القبيل ، إذ لولاهما لما عُلمت الفرائض والتكاليف.
٢ ـ ما يكون من فعل المكلف ، ولعل منه الدعوة إلى التأمّل في دعوة الأنبياء والإمعان في دلائلهم.
٣ ـ ما يكون من فعل الغير كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.