وقوله : « يعجبني » أي بحسب الطبع البشري ، فإنّ الإنسان يسرّه بالطبع النظر إلى كل شي‌ء جميل ، سواء كان إنساناً أم حيواناً أم جماداً كالوردة أو المجسمة البديعة أو التصوير الجميل ، فأجابه عليه‌السلام بعدم البأس إذا لم يكن بقصد الريبة والشهوة المنبعثة عن الغريزة الجنسية.

وكيف كان ، فالصحيحة دالّة على حرمة النظر مع عدم كون النية صادقة كما عرفت ، هذا مع أنّ الحرمة في هذا الفرض من مسلّمات الفقه وضرورياته كما مرّ ، فلا إشكال في ذلك.

الجهة الرابعة : في حرمة النظر إلى بدن الأجنبية ما عدا الوجه والكفين وإن لم يكن بقصد الريبة إلا في الموارد الخاصة المنصوصة من العلاج وغيره.

ويدلّ عليه مضافاً إلى الإجماع ، بل الضرورة كما ذكره شيخنا الأنصاري (١) أُمور :

الأول : قوله تعالى ﴿ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ (٢) فانّ المراد بالزينة مواضعها كما مرّ (٣) ، ولا شك أنّ الإبداء في نفسه ولو من غير ناظر لا حرمة فيه ، بل هي خاصة بوجود الناظر ، وإذا حرم تحريم الإبداء حينئذ حرم النظر أيضاً لا محالة للملازمة بينهما. نعم ، تحريم النظر لا يدل على تحريم الإبداء ، فيمكن أن يكون النظر حراماً ولم يكن التستّر واجباً على المنظور إليه ، فإنّ نظر المرأة إلى بدن الرجل حرام ولم يجب تستره منها ، كما أنّ نظر الرجل إلى الأمرد عن شهوة حرام ولم يجب تستره منه ، إذ كل منهما يعمل على وظيفته ، لكن وجوب التستر وحرمة الإبداء يلازم حرمة النظر ، وإلا فلو جاز لم يكن مقتضٍ لوجوب الستر.

الثاني : قوله تعالى ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ ... إلخ (٤) فإنّ‌

__________________

(١) كتاب النكاح : ٤٤.

(٢) النور ٢٤ : ٣١.

(٣) في ص ٦٣.

(٤) النور ٢٤ : ٣٠.

۴۵۱۱