لأجل النص الصحيح الواجب الاتّباع ، أعني صحيح علي بن جعفر.
نعم ، لولاه كان مقتضى القاعدة أعني المطلقات هو ما ذكره قدسسره لكن لا بدّ من الخروج عنها بموجب النص المقيّد لها ، لا أنّه يوهن النص بهذا النوع من الاجتهاد الصريح في خلافه. وستعرف الجواب عن موهناته الأُخر التي أوردها على النص.
ومنها : أنّ ما يستدلّ به للإيماء أمّا موثّقة سماعة أو صحيحة علي بن جعفر (١) ، لضعف غيرهما سنداً. وكلاهما ليسا بشيء فإنّ الموثّق مضطرب المتن ، والصحيح موهون من وجهين :
أحدهما : تضمّنه الإطلاق من حيث الأمن وعدمه ، مع تعيّن الجلوس في الفرض الثاني نصاً وفتوى.
الثاني : أنّ مقتضى إطلاقه الإتيان بالتشهّد والتسليم قائماً ، ولم يقل به أحد ولأجل هذين الموهنين لم يرتض قدسسره ببقاء الصحيحة على ظاهرها بل تصرّف بحمل الإيماء على الانحناء المجامع لأقل مراتب الركوع.
أقول : أمّا ما أفاده قدسسره في الموثّق من الاضطراب فهو حقّ صواب كما مرّ ، لكن الدليل غير منحصر فيه ، وفي الصحيح غنى وكفاية.
وأمّا ما أفاده قدسسره من أوّل الموهنين فغايته تقييد إطلاق الصحيح بما دلّ على لزوم الجلوس مع عدم الأمن ، كصحيح عبد الله بن مسكان المتضمّن للتفصيل بين الأمن وعدمه كما مرّ ، والتقييد غير عزيز في الأخبار المتفرّقة في أبواب الفقه ، ولا يوجب الوهن البتة ، بل ما من خبر مطلق عدا النادر إلا وقد ورد عليه التقييد.
وأمّا الموهن الثاني فيدفعه مضافاً إلى إمكان تقييد الإطلاق بما دلّ على لزوم الإتيان بالتسليم والتشهد حال الجلوس من الإجماع ونحوه ، ومثله لا يوجب
__________________
(١) المتقدمتان في ص ٣٩٦ ، ٣٩٥.