ابن زهرة وجوب الركوع والسجود حينئذ ، مدّعياً عليه الإجماع (١). وإجماعاته كما ترى لا يعبأ بها ، سيما في مثل المقام الذي ذهب المشهور إلى خلافه. فدعواه موهونة جدّاً ، هذا.
وقد وافقه فيما ذهب إليه صاحب الجواهر قدسسره (٢) مصرّاً عليه ، مستدلاً له بعد الإجماع الذي عرفت حاله بوجوه منها : الأصل.
وفيه : أنّه إن أراد به الاستصحاب فمضافاً إلى عدم الحالة السابقة ، للشك فيما هو الحادث من التكليف بعد حلول الوقت ، وأنّه الصلاة إيماءً أو مع الركوع والسجود ، ولا عبرة بالعلم بوجوبهما في وقت فريضة سابقة مع التمكّن من الساتر ، للعلم بالانتقاض فتأمّل ، أنّ الاستصحاب غير جارٍ في الشبهات الحكمية.
وإن أراد به المطلقات الدالة على وجوب الركوع والسجود فهي مقيّدة بصحيح علي بن جعفر (٣) الدال على سقوطهما وبدلية الإيماء عنهما في هذه الحال ، وإن ناقش قدسسره في الصحيح بما ستعرفه مع جوابه.
ومنها : أنّ الستر الصلاتي ساقط في المقام قطعاً ، لفرض العجز ، وإنّما اللازم رعاية الستر غير الصلاتي الواجب في حدّ نفسه ، ولأجله يفصّل بين الأمن عن الناظر المحترم فقائماً وبين عدمه فجالساً. وعليه فاذا كان الستر الصلاتي ساقطاً فما الموجب إذن للإيماء ، فإنّه إنما يجب تحفظاً على هذا الستر الساقط على الفرض ، فهذا يوجب وهناً في صحيح علي بن جعفر ويسقطه عن درجة الاعتبار ، ويكون المتبع إطلاقات أدلّة الركوع والسجود.
وهذا كما ترى غريب منه جدّاً ، ولو لا مخافة التجاسر على مقامه العظيم قدسسره لقلنا إنّه منه اجتهاد في مقابل النصّ ، فإنّا إنّما نقول بوجوب الإيماء
__________________
(١) الغنية : ٩٢.
(٢) الجواهر ٨ : ٢٠٨ ، ٢١٠ فما بعدها.
(٣) المتقدم في ص ٣٩٥.