أو يقال : إنّ العنوان المزبور له مراتب بعضها عالية ويحصل بترك الجميع وبعضها دانية يحصل بترك البعض ، فيتنزّل عند تعذّر العالية إلى المرتبة النازلة كما في الطهارة المائية والترابية.

ولكنّك خبير بأنّ هذا كلّه فرض في فرض ومجرد دعاوي فارغة غير بينة ولا مبينة ، فإنّ أصل اعتبار العنوان الوجودي لا دليل عليه ، وعلى تقديره لا دليل على كونه بأحد النحوين ، بل الصحيح الذي يساعده الدليل هو اعتبار الإعدام في أنفسها وعلى سبيل المانعية ، فيرجع فيما يشك في تقيّد الصلاة بعدمه إلى أصالة البراءة حسبما عرفته مستوفى ، من غير فرق بين الساتر والمحمول وبين ما كان مع المصلّي في مفتتح صلاته وغيره ، وبين ما علم اتخاذه من الحيوان وبين ما احتمل أخذه من غيره كالقطن أو الاسفنج ، لاتحاد المناط في الجميع.

وأمّا ما ذكره العلامة (١) من اعتبار الوقوع فيما أحلّ الله أكله لا عدم الوقوع في غير المأكول ، استناداً إلى استفادة الشرطية من قوله عليه‌السلام في ذيل موثقة ابن بكير : « لا تقبل تلك الصلاة حتى يصلّى في غيره مما أحلّ الله أكله .. » إلخ (٢) ومعه لا مجال للبراءة في إثبات ما علم تعلّق التكليف به ، بل لا بدّ من إحراز الامتثال بقاعدة الاشتغال.

فقد سبق التعرّض لجوابه (٣) وعرفت أنّ المشار إليه في قوله : « تلك الصلاة ... » إلخ ليس هو شخصها ، لامتناع تصحيحها بعد وقوعها في غير المأكول ، بل كلّي الصلاة التي تقع في أجزاء الحيوان ، وحيث إنّ له قسمين غير مأكول ومأكولاً وقد حكم في الصدر بالبطلان في القسم الأول الذي استفيد منه المانعية ، فلا جرم تكون الصحة منوطة بالوقوع في القسم الثاني ، فالذيل بيان لمفهوم الصدر ، ولا يتكفّل حكماً آخر ليدلّ على الشرطية.

__________________

(١) المنتهي ٤ : ٢٣٦.

(٢) الوسائل ٤ : ٣٤٥ / أبواب لباس المصلي ب ٢ ح ١.

(٣) في ص ٢٢١.

۴۵۱۱