الثانية المتقدّمة. (١)

وثانيا : أنّ الأولى فيها أن تجعل من أدلّة التوقّف ، لا التخيير ، (٢) وذلك لكلمة «يرجئه».

وأمّا قوله : «في سعة» فالظاهر أنّ المراد به التخيير بين الفعل والترك ، باعتبار أنّ الأمر حسب فرض السؤال يدور بين المحذورين ، وهو الوجوب والحرمة ؛ إذن فليس المقصود منه التخيير بين الروايتين ، لا سيّما أنّ ذلك لا يلتئم مع الأمر بالإرجاء ؛ لأنّ العمل بأحدهما تخييرا ليس إرجاء ، بل الإرجاء ترك العمل بهما معا.

فلا دلالة لهذه الرواية على التخيير بين المتعارضين.

٧. وقال الكليني بعد تلك الرواية : «وفي رواية أخرى : «بأيّهما أخذت من باب التسليم وسعك» (٣).

يظهر منه (٤) أنّها رواية أخرى ، لا أنّها نصّ آخر في الجواب عن نفس السؤال في الرواية المتقدّمة ، وإلاّ لكان المناسب أن يقول : «بأيّهما أخذ» بالضمير الغائب ، لا «بأيّهما أخذت» بنحو الخطاب.

وظاهرها الحكم بالتخيير بين المتعارضين مطلقا ، ويحمل على المقيّدات.

٨. ما في «عيون أخبار الرضا» للصدوق في خبر طويل ، جاء في آخره :

«فذلك الذي يسع الأخذ بهما جميعا ، أو بأيّهما شئت ، وسعك الاختيار من باب التسليم ، والاتّباع ، والردّ إلى رسول الله» (٥).

والظاهر من هذه الفقرة هو التخيير بين المتعارضين ، إلاّ أنّه بملاحظة صدرها وذيلها يمكن أن يستظهر منها إرادة التخيير في العمل بالنسبة إلى ما أخبر عن حكمه أنّه على نحو الكراهة ، ولذا أنّها ـ فيما يتعلّق بالإخبار عن الحكم الإلزاميّ ـ صرّحت بلزوم العرض على الكتاب والسنّة ، (٦) لا سيّما وقد أعقب تلك الفقرة التي نقلناها قوله عليه‌السلام : «وما لم تجدوه في

__________________

(١ و ٢). كما في نهاية الدراية ٣ : ٣٦٤.

(٣) الكافي ١ : ٥٣.

(٤) أي ممّا قال الكليني.

(٥) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ٢٤ ؛ وسائل الشيعة ١٨ : ٨٢ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢١.

(٦) كذا قال المحقّق الأصفهاني في نهاية الدراية ٣ : ٣٦٣ ـ ٣٦٤.

۶۸۸۱