بعد صرف النظر والحادث بعد التأمّل في النظر السابق كما ترى ، فإنّه خلاف المتراءى من إسناد الإعجاب إلى النظر الظاهر في تحققه في هذه الحال كما عرفت.

ونحوه في الضعف حمل الابتلاء على الاضطرار الرافع للتكليف ، وأنّ الوجه في السؤال ما يدخله من الإعجاب بعد النظر. فإنّ إطلاق الابتلاء على الاضطرار لم يعهد في المحاورات ، فهو استعمال غير مأنوس ، لكونه على خلاف المتفاهم العرفي من هذه الكلمة كما لا يخفى.

فيدور الأمر بين أحد معنيين آخرين :

أحدهما : حمل الابتلاء على الابتلاء النفساني من جهة غلبة النفس الأمّارة وقاهريّة القوة الشهوية فيجد نفسه مبتلى بالبخوع للميولات النفسانية.

وهذا أيضاً يتلو ما تقدّمه في الضعف ، فانّ الابتلاء بهذا المعنى من عمل الفساق والمنهمكين في الشهوات الذين يتتبعون آثار النساء ويقعدون لهن كلّ مرصد ، نجلّ ساحة ابن سويد وهو من ثقات أصحاب الرضا عليه‌السلام عن مثل ذلك. على أنّ الإمام عليه‌السلام كيف يقرّه على الفسق ، وأيّ معنى والحال هذه لعرفان الله من نيّته الصدق.

فيبقى الاحتمال الثاني الذي ذكره الشيخ قدس‌سره وهو أنّ ابتلاءه بالنظر إلى النساء من جهة اقتضاء شغله ذلك ، ككونه بزّازاً أو صائغاً ونحوهما ممن يتّجر في حاجيات النسوان فيبتلى بمواجهتهنّ في مقام البيع والشراء ، فسأل عما قد يتطرقه عند النظر من الإعجاب بهن والتمتع بجمالهن ، على ما هو مقتضى الطبع البشري من التذاذه من النظر إلى كل شي‌ء جميل ، سواء كان إنساناً أو حيواناً أو جماداً كمجسمة جميلة أو تصوير حسن ونحو ذلك ، فأجاب عليه‌السلام بعدم البأس إذا عرف الله من نيّته الصدق ، أي كان نظره نظراً ساذجاً والإعجاب الذي يدخله ناشئاً عن الفطرة البشرية المقتضية للالتذاذ بكلّ شي‌ء بديع دون الإعجاب والالتذاذ المنبعثين عن القوة الشهوية والمنبعثين عن الغريزة الجنسية التي هي من سنخ نظر الزوج إلى زوجته ، إذ من الواضح عدم‌

۴۵۱۱