كذلك ، بل إنها دلت على جواز الإبداء الذي هو بمعنى الإظهار والإراءة ، فانّ الظاهر أنّ مثل هذا التعبير يدل على جواز النظر كما لا يخفى ، وليس هو على حدّ التعبير بعدم وجوب الستر ، ولعل الفرق واضح.

الثامن : الأخبار الدالة على أنّ النظر سهم من سهام إبليس مسموم ، وأنّ زنا العينين النظر (١) فإنّها بإطلاقها تعمّ الوجه والكفين.

وفيه : أنّ هذه الروايات وإن كان بعضها صحيح السند لكنّها قاصرة الدلالة على ما نحن فيه ، فانّ التعبير بالسهم لا يناسب إلا النظر مع خوف الافتتان الذي هو من الشيطان ، كما أنّ تنزيله منزلة الزنا يقتضي وجود جامع بينهما وهو اللذة والشهوة كي يصدق أنّ النظر زنا العين ، فكأن الشارع وسّع في مفهوم الزنا ، فالحقيقي منه ما كان بتوسط الآلة المخصوصة ، والتنزيلي ما كان بواسطة اللمس أو الفم أو العين على اختلاف مراتبها التي يجمعها الالتذاذ والارتياب ، وهو خارج عن محلّ الكلام ، هذا.

مع أنّه لم يتعرض لذكر متعلّق النظر في هذه الأخبار. والأخذ بالإطلاق أينما سرى كما ترى ، للزومه تخصيص الأكثر المستهجن كما مرّ (٢) وحمله على خصوص الأجنبية بتمام بدنها لا شاهد عليه ، ولعل المراد خصوص العورتين من الرجل أو المرأة. وبالجملة : فالمتعلّق مجمل ولا قرينة على التعيين ، فلا يصح الاستدلال بها فتأمل.

التاسع : مكاتبة الصفار إلى أبي محمد عليه‌السلام في الشهادة على المرأة هل يجوز أن يشهد عليها من وراء الستر وهو يسمع كلامها إذا شهد عدلان بأنّها فلانة بنت فلان ، أو لا تجوز له الشهادة حتى تبرز من بيتها بعينها ، فوقّع عليه‌السلام : تتنقّب وتظهر للشهود (٣) فانّ ظاهر الأمر بالتنقب هو الوجوب.

__________________

(١) الوسائل ٢٠ : ١٩٠ / أبواب مقدمات النكاح وآدابه ب ١٠٤ ح ١ ، ٢ ، ٥.

(٢) في ص ٦٩.

(٣) الوسائل ٢٧ : ٤٠١ / أبواب الشهادات ب ٤٣ ح ٢ [ وقد سقطت هذه الرواية عن الوسائل ط طهران ].

۴۵۱۱