تركهما والصلاة عارياً ، لتنجيز العلم الإجمالي المانع من الاقتحام في شي‌ء من الطرفين بحكم العقل بعد معارضة الأصل المؤمّن في كلّ منهما بالآخر ، فإنّه بذلك يصبح عاجزاً عن استعمال الثوب السائغ الموجود في البين ، فلا مناص من الصلاة عارياً.

نعم ، ربما يناقش بمعارضته بعلم إجمالي آخر ، وهو وجوب لبس أحدهما في الصلاة رعاية للستر الواجب فيها ، فيكون إذن من سنخ الدوران بين المحذورين المحكوم عقلاً بالتخيير ، نظراً إلى أنّ للعلم الإجمالي مقتضيين : أحدهما حرمة المخالفة القطعية ، والآخر وجوب الموافقة كذلك.

والأوّل وإن تيسّر في المقام بأن يلبس أحد الثوبين دون الآخر ، إذ لا قطع حينئذ بالمخالفة لشي‌ء من العلمين الإجماليين ، لكن الثاني متعذّر ، لامتناع الجمع بين لبس الثوبين وتركهما ، فلا جرم تسقط الموافقة القطعية ، ويكتفى بالموافقة الاحتمالية ، بأن يلبس أحدهما ويترك الآخر ، مخيّراً بينهما بعد عدم مرجّح للتقديم حتى احتمال الأهمّية ، ضرورة أنّه إنّما ينفع فيما إذا وقعت المزاحمة بين نفس التكليفين فيتقدّم حينئذ محتمل الأهمّية ، للقطع بسقوط الإطلاق في غير المحتمل إمّا للتساوي أو لكون غيره أهم ، فيبقى الإطلاق في المحتمل على حاله.

وأمّا في المقام فمورد المزاحمة إحراز الامتثالين لا نفس التكليفين ، ومعه لا موقع للتقديم بالمرجّح المزبور إلاّ إذا أُحرز اهتمام الشارع بامتثال ما هو أهم ولو احتمالاً كما في الدماء والفروج والأموال الخطيرة ، لأنّ مرجع ذلك إلى إيجاب الاحتياط. ومن البيّن أنّ ما يجب فيه الاحتياط يتقدّم على ما لا يجب.

فلو نذر أن يقتل كافراً مهدور الدم في وقت معيّن فرأى شخصاً مردّداً بينه وبين مؤمن محقون الدم ، أو نذر أن يجامع زوجته في ليلة معيّنة ، أو وجب الوطء لمضيّ أربعة أشهر وتردّدت المرأة بين الزوجة والأجنبية ، فإنّه لا يجوز القتل ولا الوطء لمكان اهتمام الشارع بحفظ النفوس والفروج الموجب لتقديم إحراز أحد الامتثالين على الآخر كما هو واضح.

وتندفع المناقشة بأنّ الكبرى المزبورة وإن كانت وجيهة ولكنّها غير منطبقة‌

۴۵۱۱