المدارك (١) لتوثيق الرجل بذكر وجوه كلها مزيّفة :

الأوّل : رواية جملة من الأجلاء عنه ، فلولا وثاقته بنظرهم لم يكن مجال لروايتهم عنه.

وهذا واضح الفساد ، فإنّ رواية الأجلاء عن أحد لا تدلّ على توثيقه بوجه كما تقدم في مطاوي هذا الشرح غير مرة. وهذا الكليني وهو من أعاظم الأجلاء يروي في الكافي عن الضعفاء كثيراً ، ونحوه غيره. والسرّ أنّ شأن الراوي ليس إلا نقل الحديث عن كل من سمعه ثقة كان أم غيره ، ولا فرق في ذلك بين الأجلاء وغيرهم ، إذ هم في مقام الرواية ليسوا إلا كأحد الرواة ينقلون كلّ ما وصل إليهم من الأخبار.

الثاني : أنّ العلامة قد صحح الحديث المشتمل سنده على هذا الرجل في المختلف والمنتهى.

وفيه أولاً : أنّه لا عبرة بتوثيقات العلامة ، لابتنائها على الاجتهاد والحدس دون الحس.

وثانياً : أنّ تصحيح السند من مثله لا يدلّ على توثيق رجاله ، لما هو المعلوم من مسلكه قدس‌سره من الاعتماد على رواية كلّ شيعي إمامي لم يرد فيه قدح ، عملاً بأصالة العدالة في كلّ أحد ما لم يثبت فسقه ، ولا يرى ثبوت وثاقة الراوي شرطاً في الصحة.

وبالجملة : مجرد كون الرواية حجة عند أحد لصحة السند في نظره لا يدلّ على التوثيق ما لم يعلم مسلكه في التصحيح ، وإلا لزم العمل بكل ما يرويه الصدوق في الفقيه ، لما التزم به في صدر الكتاب من عدم روايته فيه إلا ما يكون حجة بينه وبين ربه مع ما نراه فيه من روايته عن غير واحد من الضعاف.

الثالث : أنّ القميين تبعاً لشيخهم محمد بن الحسن بن الوليد لم يستثنوا من‌

__________________

(١) هامش المدارك : ١٣٣.

۴۵۱۱