لوحظ على سبيل الطبيعة السارية وإن كان الفرض في نفسه نادراً كما عرفت.

وأمّا القسم الثاني : وهو نفس الفرض مع كون التكليف تحريمياً كالنهي عن الكذب ، أو عن الذكر حال الجنابة أو الحيض ، فالمرجع لدى الشك في الانطباق هو أصالة البراءة ، على العكس من القسم الأول ، لوضوح افتراق النهي عن الأمر في انبعاثه عن مفسدة متحقّقة في الطبيعة ولا بدّ في الاجتناب عنها من الارتداع عن تمام الأفراد على سبيل الشمول والاستيعاب ، إمّا بنحو العموم الاستغراقي كما هو الغالب أو المجموعي ، فلا يتحقق الامتثال بالاجتناب عنها بنحو صرف الوجود على خلاف الأمر ، حيث إنّه لما كان ناشئاً عن مصلحة قائمة بالطبيعة فلا جرم يتحقق امتثالها بأوّل فرد تنطبق الطبيعة عليه.

وعليه فلا مناص من انحلاله إلى نواهي عديدة ، إمّا استقلالية لو كان السريان على سبيل العموم الاستغراقي ، أو ضمنية لو كان بنحو العموم المجموعي فيما لو كان هناك مفسدة واحدة قائمة بالمجموع فيرجع في الفرد أو الجزء المشكوك إلى أصالة البراءة في الأول بلا إشكال ، وفي الثاني على المختار حسبما تقدم.

وقد يتوهّم أنّ مقتضى ذلك جواز الإخبار عمّا يشك في كونه مصداقاً للكذب ، نظراً إلى الشكّ في تعلق النهي به زائداً على الأفراد المتيقنة فيرجع إلى أصالة البراءة.

ولكنه كما ترى ، أمّا أوّلاً : فللعلم الإجمالي بحرمة الإخبار به أو بنقيضه ، لأن أحدهما مصداق للكذب يقيناً ، فلا بدّ من التجنب والتثبت رعاية لتنجّز العلم الإجمالي.

وأمّا ثانياً : فللأدلّة الخاصة الناهية عن القول بغير علم من الكتاب والسنّة كقوله تعالى ﴿ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ (١) وقوله عليه‌السلام :

__________________

(١) يونس ١٠ : ٥٩.

۴۵۱۱