[٤٢٩] مسألة ٩ : لا يجوز الوقوف في مكان يعلم بوقوع نظره على عورة الغير ، بل يجب عليه التعدِّي عنه أو غضّ النظر (١) وأما مع الشك أو الظن في وقوع نظره فلا بأس (٢) ولكن الأحوط أيضاً عدم الوقوف أو غض النظر.


والشعاع في الأجسام الشفافة والصقيلة التي منها الماء والمرآة بعد ما خرج مستقيماً عن العين يقع على تلك الأجسام الشفافة ، ثم ينكسر فيرد منها أيضاً مستقيماً إلى المرئي وذي الصورة ، وعلى ذلك يقع النظر على نفس العورة حقيقة.

وثانيهما : العلم بعدم الفرق بين النظر إلى ذي الصورة وصورته لأنها هو هو بعينه ، فالنظر إلى المرأة وصورتها سيان بالارتكاز ، وعلى ذلك لو لم نقل بخروج الشعاع والانكسار وقلنا إن المشاهد في الماء أو المرآة صورة العورة مثلاً قد انطبعت فيهما ، لا أن المشاهد هي العورة نفسها ، أيضاً يمكننا الحكم بحرمة النظر إلى العورة فيهما ، لعدم الفرق بين رؤية الشي‌ء ورؤية صورته بالارتكاز.

وأما إذا أنكرنا الانكسار والشعاع ونفينا العلم بمساواة النظر إلى الصورة وصاحبها وإن كان بعيداً في نفسه فلا مناص من الالتزام بجواز النظر إلى العورة في المرآة أو الماء ، وبذلك يتضح أن النظر إليها من وراء الشيشة والنظر إليها في الماء أو المرآة من واديين ، وليست الحرمة في كليهما مبتنية على الأمرين المتقدِّمين.

(١) لعلّه أراد بذلك حرمة الوقوف في مفروض المسألة عقلاً ، لتوقف الامتثال على ترك الوقوف في ذلك المكان ، ومعه يستقل العقل بحرمة الوقوف حتى يتمكن المكلف من الامتثال. وأما لو أراد حرمة الوقوف شرعاً ، بدعوى أنه مقدمة للحرام وهي محرمة إذا قصد بها التوصل إلى الحرام أو كانت علة تامة له كما ادعوه فيندفع بما قدمناه في محله من أن مقدمة الحرام ليست محرمة مطلقاً ، قصد بها التوصل إلى الحرام أم لم يقصد ، كانت علة تامة له أم لم تكن (١).

(٢) لعدم الاعتبار بالظن وحكمه حكم الشك ، وهو مورد لأصالة البراءة.

__________________

(١) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ٤٣٩.

۵۰۹