الرابع : الاستحالة (١).


المتقدِّمتين ، نظراً إلى أن مفروض سؤالهما وصول النجاسة إلى جميع أجزاء البارية وجوانبها ، كما أن مقتضى جوابه عليه‌السلام طهارة جميع تلك الأجزاء والجوانب بإشراق الشمس على بعضها ، فالاستدلال على طهارة الجانب الآخر في الحصير ليس هو بالإطلاق ليستشكل عليه بدعوى الانصراف.

نعم ، هذا كله إنما هو فيما إذا قلنا بطهارة البواري بالشمس ، ولكنّا منعنا عن دلالة الأخبار على طهارتها وقلنا إن مدلولها جواز الصلاة فيها على تقدير يبوستها وهو لا يقتضي الطهارة فليلاحظ.

مطهِّريّة الاستحالة‌

(١) عدّوا الاستحالة من المطهرات وعنوا بها تبدل جسم بجسم آخر مباين للأوّل في صورتهما النوعية عرفاً وإن لم تكن بينهما مغايرة عقلاً ، وتوضيحه :

أن التبدل قد يفرض في الأوصاف الشخصية أو الصنفية مع بقاء الحقيقة النوعية بحالها وذلك كتبدل القطن ثوباً أو الثوب قطناً ، فان التبدل حينئذ في الأوصاف مع بقاء القطن على حقيقته ، لوضوح أن القطن لا يخرج عن حقيقته وكونه قطناً بجعله ثوباً أو الثوب بجعله قطناً ، بل هو هو حقيقة وإنما تغيرت حالاته بالتبدل من القوة إلى الضعف أو من الشدة إلى الرخاء أو العكس ، لتماسك أجزائه حال كونه ثوباً ، وتفللها وعدم تماسكها عند كونه قطناً ، وهذه التبدلات خارجة عن الاستحالة المعدة من المطهرات. ومنها تبدل الحنطة دقيقاً أو خبزاً لأن حقيقة الحنطة باقية بحالها في كلتا الصورتين ، وإنما التبدل في صفاتها من القوة والتماسك وعدم كونها مطبوخة ، إلى غيرها من الصِّفات ، والجامع هو التبدّل في الأوصاف الشخصية أو الصنفية.

وقد يفرض التبدل في الصورة النوعية كما إذا تبدلت الصورة بصورة نوعية أُخرى مغايرة للأُولى عرفاً ، وهذه الصورة هي المراد بالاستحالة في كلماتهم ، بلا فرق في ذلك بين أن تكون الصورتان متغايرتين بالنظر العقلي أيضاً ، كما في تبدل الجماد أو النبات‌

۵۰۹