معنى الاشتراط
إذن يقع الكلام في معنى الاشتراط فنقول : إن معناه في الأُمور الجزئية حسبما يقتضيه الاستقراء والارتكاز أحد أمرين على سبيل منع الخلو :
أحدهما : تعليق الالتزام بالمعاملة ، وعدم الرجوع فيها على تحقق الشرط في الخارج ، وهذا كما في اشتراط كون الفرس من جياد الخيل أو الكتاب المعيّن من طبعة كذا ، وغير ذلك من الأوصاف والقيود الخارجة عن الاختيار ، فإن معنى اشتراطها حسبما يفهمه العرف بارتكازهم أن التزامي بالبيع معلّق على كون الفرس كذا أو الكتاب من طبعة كذا ، فعند التخلّف يثبت للمشروط له الخيار في الالتزام بالمعاملة وفسخها.
ثانيهما : تعليق أصل الالتزام المعاملي على التزام الطرف الآخر بتحقق الشرط في الخارج لا على وجوده خارجاً وهذا كما في الموارد الّتي لا يجري فيها الخيار ، كما إذا اشترطت الزوجة على زوجها أن يكون اختيار المسكن بيدها فإن النكاح لا يجري فيه الخيار ، فمعنى الاشتراط فيه أن التزام الزوجة بالنكاح والزوجية معلّق على التزام الزوج بأن يكون اختيار المسكن بيدها ، فالزوج بقوله قبلت ، يبرز أمرين أحدهما التزامه بأصل الزواج ، وثانيهما التزامه بالعمل في الخارج ، وليست نتيجته الخيار عند تخلّف الزوج عمّا التزم به في المعاملة ، فإن النكاح كما مرّ مما لا يجري فيه جعل الخيار عند العقلاء ولا في الشريعة المقدسة بل ولا في الأديان السابقة ، فالاشتراط في مثله ليس بمعنى التعليق في الالتزام بالمعاملة ، وإنما هو من التعليق في أصل الالتزام المعاملي. ومثل هذا التعليق غير مضر بصحة العقد ، لأنه تعليق على التزام الطرف الآخر لا على وجود الشرط في الخارج نظير التعليق في الإيجاب لأنه من التعليق على قبول المشتري للالتزام المعاملي. وهذا بخلاف الصورة المتقدمة ، لأن كون الفرس أو الكتاب من جياد الخيل أو من طبعة النجف أمر خارج عن الاختيار ولا معنى للالتزام بما هو غير مقدور للملتزم ، فما قدّمناه لا يأتي إلاّ فيما هو داخل تحت الاختيار. وهذان قسمان ولا يخلو أمر الاشتراط من أحدهما.