وأما الجاهل القاصر أو المقصر الّذي كان غافلاً حين العمل وحصل منه قصد القربة ، فإن كان مطابقاً لفتوى المجتهد الّذي قلّده بعد ذلك كان صحيحاً (*) والأحوط مع ذلك مطابقته لفتوى المجتهد الّذي كان يجب عليه تقليده حين العمل (١).
[١٧] مسألة ١٧ : المراد من الأعلم من يكون أعرف بالقواعد والمدارك للمسألة وأكثر اطلاعاً لنظائرها وللأخبار وأجود فهماً للأخبار ، والحاصل أن يكون أجود استنباطاً والمرجع في تعيينه أهل الخبرة والاستنباط (٢).
(١) فقد اتضح تفصيل ذلك مما سردناه في التعليقة المتقدمة فلاحظ.
ما يراد من الأعلم :
(٢) ليس المراد بالأعلمية في المقام أن يكون المجتهد أشد اقتداراً في القواعد والكبريات أعني المبادئ الّتي بها تستنتج الأحكام ، كما إذا كان المجتهد في المطالب الأُصولية أقوى من غيره ، ولا أن المراد بها أكثرية الإحاطة بالفروع والتضلع في الكلمات والأقوال ، كما إذا تمكن من الجواب عن أية مسألة ترد عليه ولو من الفروع الّتي لا يبتلى بها إلاّ نادراً ، أو لا يتحقق في الخارج أصلاً مع التطلع على أقوالها وموارد التعرض للمسألة في كلماتهم ، بل المراد بالأعلمية كون المجتهد أشد مهارة عن غيره في تطبيق الكبريات على صغرياتها ، وأقوى استنباطاً وأمتن استنتاجاً للأحكام عن مبادئها وأدلتها ، وهو يتوقف على علمه بالقواعد والكبريات وحسن سليقته في تطبيقها على صغرياتها ، ولا يكفي أحدهما ما لم ينضم إليه الآخر.
والوجه في هذا التفسير : أن حال الأعلم في علم الفقه حال الأعلم في بقية الحِرف والعلوم ، فكما أن الأعلم في الطب والهندسة والتجارة وغيرها هو الّذي يكون أعرف من غيره بتطبيق الكبريات على صغرياتها ، وأقوى استنباطاً لها عن قواعدها وهو
__________________
(*) العبرة في الصحة بمطابقة العمل للواقع ، والطريق إليها هو فتوى من يجب الرجوع إليه فعلاً.