نعم ، الأمران قد يجتمعان في بعض الموارد ، كما في اشتراط الأمر الاختياري للمشروط عليه في العقود الجاري فيها جعل الخيار كالبيع والإجارة ، نظير بيع الدار على أن يخيط المشتري ثوب البائع ، وذلك لأنه من تعليق أصل البيع على التزام المشتري بالخياطة وتحققها في الخارج ، ونتيجته وجوب الخياطة على المشتري بعد المعاملة ، وثبوت الخيار للبائع على تقدير التخلّف وعدم تحقق الخياطة خارجاً.
وقد ظهر مما سردناه في معنى الاشتراط أن ما ذكره بعضهم من أن الاشتراط بمعنى الالتزام في الالتزام ، مما لا يمكن المساعدة عليه وذلك لأن الالتزام المستقل الّذي ليس له أي ارتباط بالمعاملة لا معنى لأن يكون شرطاً لها أبداً حسبما عرفته من الارتكاز والاستقراء ، فإن الشرط يعتبر أن يكون مرتبطاً بالالتزام المعاملي ، والربط إنما هو بأحد الأمرين المتقدمين ، ولا ثالث لهما كما مرّ ، هذا كلّه في الأُمور الاعتبارية غير القصدية.
أما القسم الثالث : وهي الأُمور غير القصدية المتحققة في الأُمور الخارجية كشرب المائع على أنه ماء ، أو ضرب أحد على أنه كافر وهكذا ، فقد ظهر الحال فيه مما بيّناه في القسم المتقدم ، وحاصله : أن الأُمور الخارجية أيضاً ليست مورداً للتقييد ، فإن الموجود الشخصي والأمر الخارجي لا إطلاق له ليكون قابلاً لتقييده ، والشرب والضرب الخارجيان لا يعقل أن يقعا على أزيد من شيء واحد إما الماء وإما المائع الآخر ، أو الكافر أو غير الكافر ، فلا معنى في مثله للداعي والتقييد بأن يقال : إن شرب المائع إن كان على نحو التقييد بأن كان بحيث لو علم أنه غير الماء لم يشربه أو لو علم أن المضروب غير كافر لم يضربه ، فلم يصدر منه شرب ولا ضرب ، وذلك لأن الشرب والضرب قد وقعا في الخارج على الفرض ، فالترديد بين الداعي والتقييد غير جارٍ في الأُمور الخارجية أبداً. نعم ، اعتقاد أن المائع ماء أو أن المضروب كافر من الدواعي الباعثة إلى الفعل. إذن فالمقام من قبيل تخلّف الداعي والخطأ في مبادئ الإرادة فحسب. إذا عرفت هذه المقدمة فنقول :
التقليد والاقتداء ليسا من العناوين القصدية ، ولا أنهما من الأُمور الاعتبارية وإنما هما من الأُمور الخارجية ، لوضوح أن الاقتداء بمعنى تبعية شخص لآخر والتقليد هو