ثقات أو عدول وإن كان بعضهم واقفياً أو فطحياً أو غيرهما من الفرق ، ولم يرد توثيق لبعضهم مع قطع النظر عن هذا الإجماع ، فالسند إذا تمّ من غير ناحيتهم فهو تام من جهتهم أيضاً لأنهم ثقات أو عدول ، وأمّا من وقع في السند بعدهم فلا يكاد يستفاد توثيقه من الإجماع بوجه. وبما أن كُلا من الأمرين محتمل الإرادة في نفسه ، فيصبح معقد الإجماع مجملاً ولا يمكننا الاعتماد عليه إلاّ في المقدار المتيقن منه وهو الأخير.
والمتحصّل : أن علم الرجال من أهم ما يتوقف عليه رحى الاستنباط والاجتهاد. وأما غير ما ذكرناه من العلوم فهو فضل لا توقف للاجتهاد عليه.
٣ ـ أقسام الاجتهاد :
للاجتهاد تقسيمان :
أحدهما : تقسيمه إلى الاجتهاد الفعلي والاجتهاد بالقوة والملكة ، وذلك لأن الإنسان قد يكون له ملكة يقتدر بها على استنباط الأحكام الشرعية إلاّ أنه لم يُعمل بعدُ قدرته في الاستنباط أو أن استنبط شيئاً قليلاً من الأحكام ، وقد يكون ذا ملكة الاجتهاد ويعمل قدرته أيضاً في الاستنباط ويكون عالماً للأحكام الشرعية بالفعل وإن لم يكن علمه علماً وجدانياً بل مستنداً إلى الأدلة والحجج.
ثانيهما : تقسيمه إلى مطلق وتجزي ، وذلك لأن الملكة قد لا تختص بباب دون باب على ما تأتي الإشارة إليه ويسمّى صاحبها مجتهداً مطلقاً ، وقد تختص ببعض الأبواب دون بعض فلا يتمكن إلاّ من استنباط جملة من الأحكام لا جميعها ويسمّى صاحبها بالمتجزّي في الاجتهاد.
وحيث إن الاجتهاد موضوع لجملة من الأحكام ، فيقع الكلام في أنها هل تترتب على جميع الأقسام المتقدمة أو تختص ببعضها دون بعض ، وذلك لأن للاجتهاد أحكاماً ثلاثة :
الأول : حرمة رجوع المجتهد إلى الغير في الفتوى بالاستناد إليها في مقام الامتثال لوجوب اتباع نظره على نفسه.
الثاني : جواز رجوع الغير إليه أعني تقليده والاستناد إلى آرائه في مقام العمل.