من الاستصحاب التعليقي ولا نقول به (١).
أدلة القول بعدم جواز العدول
واستدل للقول بعدم جواز العدول أيضاً بوجوه :
الأوّل : الاستصحاب وتقريبه : أن الفتوى المأخوذ بها قد صارت حجة فعلية في حق المقلّد بأخذها ، أو أن الحكم الّذي أدت إليه الفتوى المأخوذ بها قد تعين عليه وحيث لا ندري أن الأخذ أو الالتزام علّة محدثة ومبقية أو أنه محدثة فحسب ، فنشك في بقاء الفتوى المأخوذ بها على حجيتها الفعلية وسقوطها عنها برجوع المقلّد إلى فتوى المجتهد الآخر ، أو نشك في بقاء الحكم الفرعي على تعينه فنستصحب حجيتها الفعلية أو بقاء الحكم على تعينه ، ومقتضى هذا عدم جواز العدول.
وقد ظهر مما بيّناه آنفاً عدم تمامية هذا الاستصحاب لأنه من الاستصحابات الجارية في الشبهات الحكمية وقد بنينا على عدم جريانها فلاحظ. ونزيده أن استصحاب الحكم الفرعي مضافاً إلى ما يرد عليه من المناقشة المتقدمة غير جارٍ في نفسه ، لأنه يعتبر في الاستصحاب أن يكون المكلف حينما يشك في البقاء متيقناً من المستصحب بحسب الحدوث وهذا غير متحقق في المقام ، لأن المكلف بعد ما عدل عن فتوى المجتهد الأول لا علم له بحجية فتواه في حقه لأن اليقين بالحجية إنما هو ما دام باقياً على تقليده.
الثاني : أن جواز العدول يستلزم العلم بالمخالفة القطعية في بعض المواضع ، وذلك كما إذا أفتى أحد المجتهدين بوجوب القصر على من سافر أربعة فراسخ غير مريد للرجوع ليومه وأفتى الآخر بوجوب التمام فيه ، وقلّد المكلف أحدهما فقصّر في صلواته ثمّ عدل إلى فتوى ثانيهما فأتم فيها ، لأنه يستلزم العلم ببطلان صلواته المقصورة أو صلواته غير المقصورة لعدم مطابقتها للواقع. بل لو وقع ذلك في الصلاتين المترتبتين كما في الظهرين مثلاً على ما مثّل به بعضهم ، لعلمنا ببطلان الثانية علماً تفصيلياً إمّا لبطلان الصلاة الأُولى فالثانية أيضاً باطلة وإمّا لبطلان الثانية في نفسها.
__________________
(١) راجع ص ٩٧.