مثلك أو مثل عبد الحميد فلا بأس ». فإن تلك الأُمور لا يمكن للشارع إهمالها كما لا يحتمل أن يرخّص فيها لغير الفقيه دون الفقيه ، فيستنتج بذلك أن الفقيه هو القدر المتيقن في تلك التصرفات وأما الولاية فلا. أو لو عبّرنا بالولاية فهي ولاية جزئية تثبت في مورد خاص ، أعني الأُمور الحِسبية الّتي لا بدّ من تحققها في الخارج ومعناها نفوذ تصرفاته فيها بنفسه أو بوكيله.
ومن هنا يظهر أن الفقيه ليس له الحكم بثبوت الهلال ولا نصب القيّم أو المتولي من دون انعزالهما بموته ، لأن هذا كلّه من شؤون الولاية المطلقة وقد عرفت عدم ثبوتها بدليل ، وإنما الثابت أن له التصرف في الأُمور الّتي لا بدّ من تحققها في الخارج بنفسه أو بوكيله ، ومعه إذا نصب متولياً على الوقف أو قيّماً على الصغير فمرجعه إلى التصرف فيهما بالوكالة ولا كلام في أن الوكيل ينعزل بموت موكّله وهو الفقيه في محل الكلام.
فذلكة الكلام :
أن الولاية لم تثبت للفقيه في عصر الغيبة بدليل وإنما هي مختصة بالنبي والأئمة عليهمالسلام ، بل الثابت حسبما تستفاد من الروايات أمران : نفوذ قضائه وحجية فتواه ، وليس له التصرف في مال القصّر أو غيره مما هو من شؤون الولاية إلاّ في الأمر الحِسبي فإن الفقيه له الولاية في ذلك لا بالمعنى المدعى ، بل بمعنى نفوذ تصرفاته بنفسه أو بوكيله وانعزال وكيله بموته ، وذلك من باب الأخذ بالقدر المتيقن لعدم جواز التصرف في مال أحد إلاّ بإذنه ، كما أن الأصل عدم نفوذ بيعه لمال القصّر أو الغيّب أو تزويجه في حق الصغير أو الصغيرة ، إلاّ أنه لما كان من الأُمور الحِسبية ولم يكن بدّ من وقوعها في الخارج كشف ذلك كشفاً قطعياً عن رضى المالك الحقيقي وهو الله ( جلّت عظمته ) وأنه جعل ذلك التصرف نافذاً حقيقة ، والقدر المتيقن ممن رضى بتصرفاته المالك الحقيقي ، هو الفقيه الجامع للشرائط فالثابت للفقيه جواز التصرف دون الولاية.
وبما بيّناه يظهر أن مورد الحاجة إلى إذن الفقيه في تلك الأُمور الحِسبية ما إذا كان الأصل الجاري فيها أصالة الاشتغال ، وذلك كما في التصرف في الأموال والأنفس والأعراض ، إذ الأصل عدم نفوذ تصرف أحد في حق غيره.