[١١] مسألة ١١ : لا يجوز العدول عن الحي إلى الحي إلاّ إذا كان الثاني أعلم (١).
وفيه : أن مسألة البقاء على تقليد الميت ليست واردة في آية أو رواية حتى يلاحظ أن معناه الالتزام ، كي يترتب عليه عدم جواز العدول إلى الميت في المقام أو أنه بمعنى العمل حتى يجوز فلا يختلف حكم المسألة بالاختلاف في معنى التقليد ، هذا.
وقد يقال : إن الوجه في عدم جواز العدول إلى الميت قاعدة الاشتغال ، لأن الأمر في المقام يدور بين التعيين والتخيير ، إذ الشك في أن فتوى الحي حجة تعيينية أو تخييرية لاحتمال أن تكون فتوى الميت أيضاً حجة ، والعقل يستقل حينئذٍ بلزوم الأخذ بما يحتمل تعيّنه لأنه مقطوع الحجية والآخر مشكوك الاعتبار ، والشك في الحجية يساوق القطع بعدمها.
ويرد عليه : أن هذا إنما يتم فيما إذا كان المجتهد الحي أعلم من الميت. وأمّا لو فرضنا أن الميت أعلم من الحي مع العلم بالمخالفة بينهما ، فلا يحتمل تعين فتوى الحي عليه بل الأمر بالعكس لاحتمال تعيّن البقاء على تقليد الميت الأعلم ولا أقل من تساويهما في الاحتمال ، فأين هناك دوران الأمر بين التعيين والتخيير؟
ولو فرضنا تساوي الميت والحي مع العلم بالمخالفة بينهما ، فمقتضى القاعدة سقوط فتواهما عن الاعتبار للمعارضة ولا يبقى معه أيضاً لدوران الأمر بين التعيين والتخيير مجال. فالصحيح أن يلاحظ حال العدول فإن كان عدول المكلف إلى الحي عدولاً صحيحاً شرعياً ، لم يكن أي مسوغ للعدول عنه إلى الميت حالئذٍ فإن صحة العدول إنما تكون في موردين :
أحدهما : فيما إذا كان الحي أعلم من الميت.
وثانيهما : فيما إذا كان الميت أعلم إلاّ أن المكلف نسي فتواه.
إذ معه لا مسوّغ للبقاء على تقليد الميت والمفروض أن عدوله إلى الحي صحيح ومع فرض صحة العدول لا مجوّز بوجه للعدول عنه إلى تقليد الميت. نعم ، إذا لم يصح عدوله إلى الحي لأن الميت أعلم أو لأن المكلف ذاكر لفتواه فلا مناص من أن يعدل إلى الميت ، ولا يضرّه الرجوع إلى الحي حينئذٍ لأنه كالعدم لبطلانه شرعاً.
(١) إذا قلّد المكلّف مجتهداً ثمّ أراد العدول عن تقليده إلى مجتهد آخر ، فإن كان