يرتكب المحرمات في مجامع المسلمين ومنظرهم. وأما الواجبات فلم تعتبر الرواية الإتيان بها لدى الناس طريقاً معرّفاً إلى ذلك إلاّ الصلاة ، حيث دلت على أن الإتيان بالفرائض في المجامع علناً وبمرأى ومنظر من المسلمين أمر لا بدّ منه ، وأنه كاشف تعبدي عن أن فاعلها مجتنب عن المحرمات بحيث لو لم يتعاهد الفرائض في المجامع لم يحكم بعدالته ، لاحتمال أنه لم يصل أصلاً ومقتضى الرواية أن حمل فعل المسلم على الصحة لا يأتي في مثلها لأنها عمود الدين ولا خير في من لا صلاة له أو لغير ذلك من الوجوه ، ولعظمتها وأهميتها اعتبر في العدالة أن يكون الرجل متعاهداً بالحضور في جماعة المسلمين. نعم ، لا بأس في غير الفرائض من الصلوات المسنونات بالإتيان بها خفاءً بل هو الأرجح فيها كما لا يخفى.
وعلى الجملة دلتنا الرواية على أن الرجل متى ما تعاهد الإتيان بالفرائض في المجامع العامة ، وكان ساتراً لجميع عيوبه المعبّر عنه بحسن الظاهر في كلماتهم حكم بعدالته. ولا دلالة فيها على اعتبار الملكة فيها بوجه. إذن العدالة كما قدّمناه بمعنى الاستقامة العملية في جادة الشرع.
نعم ، لا بدّ أن تكون الاستقامة مستمرة وكالطبيعة الثانوية للإنسان حتى يصدق أنه مستقيم ، فإن الاستقامة في بعض الأوقات دون بعض لا يوجب صدق الاستقامة كما أشرنا إليه آنفاً واحتملنا أن يكون هذا هو المراد بالملكة في كلام من اعتبرها في العدالة ، فإن بذلك ترتفع المخاصمة من البين وتقع المصالحة بين الطرفين. والّذي يسهّل الخطب أن الرواية ضعيفة السند وغير قابلة للاستدلال بها على شيء.
بقي في المقام أمران
أحدهما : لا كلام ولا شبهة في أن الكبائر وهي الّتي أوعد الله عليها النار في كتابه كما في الرواية المتقدمة هادمة للعدالة ومانعة عن تحققها ، وأما الصغائر فهل هي كالكبائر أو لا؟ فيه كلام بين الأعلام.
العدالة والصغائر
المعروف أن الصغائر غير قادحة في العدالة إلاّ بالإصرار على ارتكابها ، فإن