وذلك لأن التخلّف والخطأ قد يقعان فيما هو خارج عن المعاملة والالتزام ، كما لو اشترى مالاً بقصد الربح فيه أو ينزل عنده ضيف وهكذا ، والخطأ والتخلّف غير موجبين للبطلان في هذا القسم بالاتفاق ، ويعبّر عنه بتخلّف الداعي في كلماتهم وهو أيضاً ليس بمورد للتفصيل بين الداعي والتقييد.
وقد يقع التخلّف في متعلّق الالتزام المعاملي ، والمتعلّق قد يكون أمراً كلياً ، وقد يكون شخصياً.
أما الصورة الأُولى : كما لو اشترى دورة كتاب كالتهذيب على أنه طبعة النجف مثلاً ودفعه إليه عند تسليمه من غير تلك الطبعة ، فلا كلام في أنه من التخلّف في مقام الأداء ولا يستتبع ذلك بطلان المعاملة ولا الخيار للمشتري ، وإنما له أن يطالب البائع بما تعلّقت به المعاملة لأن ما دفعه إليه غير ما اشتراه منه المشتري. والاشتراط في هذه الصورة من باب التقييد دائماً ، ولا يعقل أن يكون من باب الداعي بوجه ، لأنه يوجب التقييد في متعلّق الالتزام ويحصّصه بحصّة خاصة غير منطبقة على الحصة الفاقدة لها إلاّ أن تخلفه غير موجب للبطلان ولا الخيار. نعم ، للمشتري مطالبة البائع بالمبيع ، كما أن له أن يرضى بالتبديل وهو أمر آخر وراء المعاملة.
أما الصورة الثانية : كما إذا اشترى كتاباً معيناً في الخارج على أنه طبعة كذا وانكشف أنه ليس من تلك الطبعة ، فالاشتراط فيها يستحيل أن يكون من باب التقييد أبداً ، وذلك لأن متعلّق المعاملة جزئي خارجي لا إطلاق له ، ولا معنى للتقييد فيما هو مقيد في نفسه ، إذ التقييد إنما يتصوّر فيما كان موسّعاً في نفسه وقابلاً للانقسام إلى قسمين أو أكثر وهذا غير معقول في الجزئي الخارجي ، فإن الكتاب المعيّن إما أن يكون من طبعة كذا من الابتداء وإما أن لا يكون ، ويستحيل أن يكون من تلك الطبعة تارةً ومن طبعة غيرها تارة أُخرى ، فإرجاع الاشتراط في الجزئيات الخارجية إلى التقييد غير معقول. نعم ، يمكن أن يرجع الاشتراط في مثلها إلى أصل الالتزام بأن يقال : إن أصل الالتزام المعاملي معلّق على أن يكون الكتاب المعيّن من طبعة كذا ، إلاّ أن إرجاعه إلى ذلك يقتضي بطلان المعاملة لأن التعليق مبطل في العقود حتى إذا كان المعلّق عليه حاصلاً في الواقع.