الميت على نحو الإطلاق.
وملخص الكلام : أن مخالفة المحدّثين والمحقق القمي قدسسره ليست مخالفة في المسألة ومحل الكلام ، إذ لعلّها مبتنية على مسلكهما كما مرّ ، وأمّا أن المحقق لو كان بانياً على الانفتاح ، والمحدّثين لو كانوا بانين على أن الرجوع إلى المجتهد من باب الرجوع إلى العالم وأهل الاطلاع ، كانا يجوّزان تقليد الميت ابتداءً فلا علم لنا به ، وكيف كان فلا بدّ من التكلم فيما استدل به على جواز تقليد الميت ابتداءً.
أدلة المثبتين
وقد استدلوا عليه بوجوه :
منها : دعوى أن الآيات والروايات الواردة في حجية فتوى الفقيه غير مقيّدة بحال الحياة ، فمقتضى إطلاق الأدلة عدم الفرق في حجيتها بين الحياة والممات ، لأنها كما تشمل فتوى المجتهد الحي كذلك تشمل فتوى المجتهد الميت ، فالنتيجة هو التخيير لا محالة.
ويدفعه : أن الآيات والروايات على تقدير إطلاقهما وشمولهما فتوى الميت في نفسها لا يمكن التمسك بهما في المقام ، وذلك لما مرّ من أن العلماء أحياءهم وأمواتهم مختلفون في المسائل الشرعية ومع مخالفة فتوى الميت لفتوى الأحياء ، بل مخالفتها لفتوى الأموات بأنفسهم ، لا تشملها الإطلاقات بوجه لعدم شمول الإطلاق للمتعارضين ، هذا.
على أن الأدلة القائمة على حجية فتوى الفقيه وجواز الرجوع إليه لا إطلاق لها من تلك الناحية ليشمل فتوى الميت في نفسها ، وذلك لأنها إنما دلت على وجوب الحذر عند إنذار المنذر والفقيه ، أو على السؤال من أهل الذكر ، أو على الرجوع إلى راوي الحديث أو الناظر في الحلال والحرام ، أو غير ذلك من العناوين الواردة في الأخبار ولا شبهة في أن القضايا ظاهرة في الفعلية ، بمعنى أن قولنا مثلاً : العالم يجب إكرامه ظاهره أن من كان متصفاً بالعلم بالفعل هو الّذي يجب إكرامه ، لا الأعم من المتلبس بالفعل ، ومن انقضى عنه التلبس. إذن مقتضى الأدلة المتقدمة أن من كان متصفاً بالإنذار فعلاً أو بالفقاهة أو العلم أو غيرها من العناوين بالفعل ، هو الّذي يجوز تقليده. ولا إشكال