وفي مسائل أُصول الفقه ، ولا في مبادئ الاستنباط من النحو والصرف ونحوهما ، ولا في الموضوعات المستنبطة العرفية (*) أو اللغوية ولا في الموضوعات الصرفة ، فلو شكّ المقلّد في مائع أنه خمر أو خل مثلاً وقال المجتهد أنه خمر لا يجوز له تقليده. نعم ، من حيث إنه مخبر عادل يقبل قوله ، كما في إخبار العامّي العادل ، وهكذا. وأما الموضوعات المستنبطة الشرعية كالصلاة والصوم ونحوهما فيجري التقليد فيها كالأحكام العملية.
٥ ـ التقليد في أُصول الفقه :
المجتهد الواجد لملكة الاستنباط في الأحكام إذا لم يتمكن من الاستنباط في المسائل الأُصولية بأجمعها أو ببعضها ، كمسألة حجية الاستصحاب أو الخبر الواحد أو التخيير في تعارض الروايتين أو غيرها ، فهل يجوز أن يقلّد في تلك المسائل ويستنبط الفروع الفقهية بذلك بأن يكون هذا متوسطاً بين المقلّد والمجتهد ، أو أن المسائل الأُصولية كالموضوعات الصرفة وغيرها مما لا مجال فيه للتقليد؟
الّذي ينبغي أن يقال : إن المجتهد إذا تمكن من الاستنباط في الأحكام الفرعية ولم يتمكن منه في المسائل الأُصولية جاز له التقليد في تلك المسائل وهو مما لا محذور فيه ، فإن الأدلة المتقدمة الدالة على مشروعية التقليد وجوازه كما أنها شاملة للتقليد في الفروع كذلك شاملة للتقليد في الأُصول.
أما الكتاب فلما مرّ من أنه إنما دلّ على مشروعية التقليد في الأُمور الراجعة إلى الدين ، ومن البديهي أن حجية الاستصحاب أو الخبر الواحد أيضاً راجعة إلى الدين فتعلّمها تفقّه في الدين ، فالانذار بها حجة بمقتضى الآية المباركة فإنها مطلقة من ناحية كون الحكم الشرعي المنذر به حكماً للعمل من دون واسطة كما في الأحكام الفقهية أو
__________________
(*) لا فرق في الموضوعات المستنبطة بين الشرعية والعرفية في أنها محل للتقليد ، إذ التقليد فيها مساوق للتقليد في الحكم الفرعي كما هو ظاهر.