[٨] مسألة ٨ : التقليد هو الالتزام (*) (١)
معنى التقليد
(١) قد عرّف التقليد بوجوه :
منها : أن التقليد أخذ فتوى الغير للعمل به.
ومنها : أنه الالتزام بالعمل بفتوى الغير وإن لم يعمل به بعد ولا أخذ فتواه.
ومنها : غير ذلك من التفاسير.
والتحقيق : أن التقليد عنوان من عناوين العمل وطور من أطواره ، وهو الاستناد إلى قول الغير في مقام العمل ، بأن يكون قول الغير هو الّذي نشأ منه العمل وأنه السبب في صدوره ، فإن المقلّد في أعماله يتّكئ ويستند إلى قول الغير فهو المسئول عن وجهه دون العامل المقلّد.
معنى التقليد بحسب اللغة
ويرشدك إلى ذلك ملاحظة اللغة ، حيث إن التقليد بمعنى جعل الشخص أو غيره ذا قلادة فيقال : تقلد السيف أي ألقى حمالته في عنقه ، ومنه تقليد البدنة في الحج لأن معناه أنه علّق بعنقها النعل ليعلم أنها هدي فيكف عنها ، وفي حديث الخلافة : « قلّدها رسول الله علياً » (١) ، أي جعلها قلادة له ، فمعنى أن العامي قلّد المجتهد أنه جعل أعماله على رقبة المجتهد وعاتقه وأتى بها استناداً إلى فتواه ، لا أن معناه الأخذ أو الالتزام أو غير ذلك من الوجوه ، لعدم توافق شيء من ذلك معنى التقليد لغة. مثلاً إذا فسّرناه بالالتزام رجع معنى تقليد المجتهد إلى أن العامي جعل فتوى المجتهد وأقواله قلادة لنفسه ، لا أنه جعل أعماله قلادة على رقبة المجتهد. وقد عرفت أن المناسب لمعنى التقليد هو الثاني دون الأول ، فإن لازمه صحة إطلاق المقلّد على المجتهد دون العامي.
__________________
(*) بل هو الاستناد إلى فتوى الغير في العمل ، ولكنه مع ذلك يكفي في جواز البقاء على التقليد أو وجوبه تعلم الفتوى للعمل وكونه ذاكراً لها ..
(١) كذا في مجمع البحرين في مادة ( قلّد ).