[١٦] مسألة ١٦ : عمل الجاهل المقصّر الملتفت باطل وإن كان مطابقاً (*) للواقع (١).
حكم عمل الجاهل المقصِّر والقاصر
(١) الكلام في هذه المسألة يقع في مقامين :
أحدهما : أن الجاهل يستحق العقاب على أعماله إذا لم تكن مطابقة للواقع ، بل مطلقاً أو لا يستحق عليها العقاب؟
وثانيهما : أن أعمال الجاهل القاصر أو المقصّر صحيحة أو باطلة؟
أما المقام الأول : فلا ينبغي التردد في أن الجاهل القاصر لا يستحق العقاب على شيء من أعماله سواء أكانت مطابقة للواقع أم مخالفة له ، كما إذا استند إلى أمارة شرعية أو فتوى من يجوز تقليده وكانتا مخالفتين للواقع ، وذلك لقصوره وقتئذٍ لاستناده في أعماله إلى الحجة الشرعية على الفرض.
وأما الجاهل المقصّر فهو على عكس الجاهل القاصر يستحق العقاب على أعماله إذا كانت مخالفة للواقع ، وذلك لأنه قد قصّر في الفحص والسؤال وخالف الواقع من غير أن يستند فيه إلى حجة شرعية. بل الأمر كذلك حتى إذا كان عمله المخالف للواقع مطابقاً لفتوى من يجب عليه تقليده في ظرف العمل أو في زمان الرجوع إليه ، فإن الحجة بوجودها الواقعي غير كافية في المعذورية وعدم استحقاق العقاب على مخالفة الواقع ، بل إنما تكون معذّرة فيما إذا استند إليها المكلف في عمله ، والاستناد إلى الحجة مفروض العدم في محل الكلام. بل يمكن الالتزام باستحقاق المقصّر العقاب حتى إذا كان عمله مطابقاً للواقع إلاّ أنه يختص بما إذا كان ملتفتاً حال العمل ، وذلك لأنه مع الالتفات واحتمال صحة العمل وفساده ، إذا أتى به غير مبال بمخالفته للواقع لكان ذلك مصداقاً بارزاً للتجري القبيح ، وبذلك يستحق العقاب على عمله وإن كان مطابقاً للواقع.
__________________
(*) الظاهر هو الصحة في هذا الفرض.